شرح وتحليل: فلمّا أجزْنا ساحَةَ الحيّ وانْتَحَى + بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عقَنقَل

فلمّا أجزْنا ساحَةَ الحيّ وانْتَحَى + بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عقَنقَل


الشرح:

يصف امرؤ القيس في هذا البيت خروجه من حلته قاصداً السفر. يقول:
فلمّا أجزْنا ساحَةَ الحيّ وانْتَحَى + بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عقَنقَل
  • أجزنا: قطعنا.
  • ساحة: أرض واسعة في وسط الحلة.
  • الحي: القبيلة.
  • وانتحى: مال وانحدر.
  • بطن: جزء من الأرض متسع يحيط به جبال أو تلال.
  • خبت: أرض منبسطة مستوية.
  • حقاف: جبال صغيرة متقاربة.
  • عقنقل: الرمل المنعقد المتلبد.
يقول امرؤ القيس: "فلما قطعنا ساحة الحي وخرجنا من بين البيوت، مال بنا الطريق إلى بطن خبت ذي حقاف عقنقل".

التحليل:

يستخدم امرؤ القيس في هذا البيت بعض الصور البلاغية، مثل:
  • الاستعارة المكنية: في قوله "انتحى بنا بطن خبت"، حيث جعل البطن يميل وينحني، وهو مجاز عن ميل الطريق إليه.
  • التشبيه: في قوله "ذا حِقَافٍ عقَنقَل"، حيث شبه الحقاف بعنق الجمل، وهو تشبيه يبرز ضخامة الحقاف وارتفاعها.
كما يتميز البيت بجمال التصوير ووضوحه، حيث يرسم صورة واضحة للمكان الذي وصل إليه امرؤ القيس، وهو بطن خبت ذي حقاف عقنقل.

المعنى العام:

يعبر البيت عن بداية خروج امرؤ القيس من حلته قاصداً السفر. وهو يشعر بالفرح والسعادة لخروجه من الحلة، حيث يلوح له مستقبل مجهول مليء بالآمال والطموحات.
-------------------

شرح الكلمات:

يقال: أجزت المكان وجزته إذا قطعته إجازة وجوازًا، الساحة تجمع على الساحات والساح والسوح مثل قارة وقارات وقار وقور. والقارة: الجبيل الصغير.
  • الحي: القبيلة، والجمع الأحياء، وقد تسمى الحلة حيًّا.
  • الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشيء، ذكره ابن الاعرابي.
  • البطن: مكان مطمئن حوله أماكن مرتفعة والجمع أبطن وبطون وبطنان. الخبت: أرض مطمئنة.
  • الحقف: رمل مشرف معوج، والجمع أحقاف وحقاف، ويروى ذي قفاف وهي جمع قف: وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلًا.
  • العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد. وأصله من العقل وهو الشد وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيين أن الواو في وانتحى مقحمة زائدة وهو عندهم جواب لَمّا، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ} [الصافات: 104] والواو لا تقحم زائدة في جواب لَمّا عند البصريين، والجواب يكون محذوفًا في مثل هذا الموضع تقديره في هذا البيت: فلما كان كذا وكذا تنعمت وتمتعت بها، أو الجواب قوله هصرت، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبّا، وحذف جواب لَمّا كثير في التنزيل وكلام العرب.

يقول: فلما جاوزنا ساحة الحلة وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف، يريد مكانًا مطمئنًا أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة؛ والعقنقل من صفة الخبث لذلك لم يؤنثه، ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلّه محل الأسماء وعطله من علامة التأنيث لذلك.

وقوله: انتحى بنا بطن خبت أسند الفعل إلى بطن خبت والفعل عند التحقيق لهما ولكنه ضرب من الاتساع في الكلام، والمعنى صرنا إلى مثل هذا المكان؛ وتلخيص المعنى: فلمّا خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال