أصاحِ تَرَى برقًا أُريكَ ومَيضَهُ + كَلَمْعِ اليَدَينِ في حَبيٍّ مكلَّلِ
- أصاح: أراد أصاحب أي: يا صاحب، فرخم كما تقول في ترخيم حارث يا حار، وفي ترخيم مالك يا مال، ومنه قراءة من قرأ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] ومنه قول زهير: [البسيط]: يا حارِ لا أرمين منكم بداهية + لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
- السوقة: الرعية من الناس؛ لأن الملك يسوقهم
أراد يا حارث، والألف نداء للقريب دون البعيد، تقول: أزيد إذا كان زيد حاضرًا قريبًا منك، ويا نداء للبعيد والقريب، وأي وأيا وهيا لنداء البعيد دون القريب.
- الوميض والإيماض: اللمعان، تقول: ومض البرق يمض وأومض إذا لمع وتلألأ.
- اللمع: التحريك والتحرك جميعًا.
- الحبيّ: السحاب المتراكم، سمي بذلك لأنه حَبَا بعضه إلى بعض فتراكم، وجعله مكللًا لأنه صار أعلاه كالإكليل لأسفله، ومنه قولهم: كلّلت الرجل إذا توّجته وكللت الجفنة ببضعات اللحم إذا جعلتها كالإكليل لها، ويروى مكلِل، بكسر اللام، وقد كلل تكليلًا، وانكلّ انكلالًا إذا تبسم.
يقول: يا صاحبي هل ترى برقًا أريك لمعانه وتلألؤه وتألقه في سحاب متراكم صار أعلاه كالإكليل لأسفله أو في سحاب متبسم بالبرق يشبه برقه تحريك اليدين؟ أراد أنه يتحرك تحركهما؛ وتقدير البيت: أريك وميضه في حبي مكلل كلمع اليدين؛ شبه لمعان البرق وتحركه بتحرك اليدين. فرغ من وصف الفرس والآن قد أخذ في وصف المطر.
التحليل:
1. عمق الصورة الشعرية:
- التضمين والتشبيه: الشاعر لم يكتفِ بوصف البرق، بل شبه لمعانه بحركة اليدين. هذه الصورة الشعرية تعطي انطباعًا حسيًا قويًا بالقارئ، وتجعله يشعر وكأنه يرى البرق يتحرك ويتراقص في السماء.
- الدلالة المعنوية: هذا التشبيه يحمل دلالة معنوية أعمق. فحركة اليدين تدل على الحياة والنشاط، وبالتالي فإن الشاعر يقارن بين قوة الطبيعة وحيويتها وبين حركة الإنسان.
2. البناء الفني للبيت:
- الإيقاع والوزن: البيت الشعري مبني على وزن خفيف وسريع، مما يعكس سرعة البرق ولمعانه.
- التكرار: تكرار حرف الراء في الكلمات "برقًا" و"أُريك" و"مَيضَهُ" يعزز من قوة الصوت ويجعله أكثر تأثيرًا.
3. السياق العام للقصيدة:
- الانتقال السلس: هذا الشطر يأتي بعد وصف الشاعر للفرس، وهو انتقال سلس ومبدع. الشاعر ينتقل من وصف جماد إلى وصف ظاهرة طبيعية، مما يضفي على قصيدته تنوعًا وإثارة.
- الوحدة الموضوعية: رغم التنوع في الأوصاف، إلا أن الشاعر حافظ على وحدة موضوعية واحدة وهي وصف جمال الطبيعة وقوتها.
التحليل النقدي:
- جمال الصورة الشعرية: الشاعر هنا يقدم لنا صورة بصرية بديعة، يقارن فيها وميض البرق بلمع اليدين في حركة سريعة ورشيقة. هذه المقارنة تجعلنا نشعر بحركة البرق وكأنه يرقص في السماء.
- الدقة في الوصف: وصف السحاب بـ"حبي مكلل" يدل على دقة ملاحظة الشاعر لحركة السحب وتراكمها وكأنها تتوج بعضها البعض.
- العمق المعنوي: قد يحمل هذا الشطر دلالات أعمق من مجرد وصف للطبيعة. فلمع اليدين قد يرمز إلى الحركة والنشاط والإبداع، وبالتالي فإن الشاعر قد يقصد أن البرق هو تعبير عن قوة الطبيعة وإبداعها.
خلاصة:
الشطر الثاني من بيت شعر امرئ القيس هو مثال رائع على الوصف الشعري الدقيق والجميل. الشاعر استطاع أن يرسم لنا صورة حية للبرق، مستخدمًا لغة بسيطة وواضحة، وفي نفس الوقت عميقة ومعبرة. التحليل الذي قدمته يوضح مدى روعة هذا البيت الشعري وأهميته في الأدب العربي.
التسميات
شرح معلقة امرئ القيس