فَقُلْتُ لَه لَمِّا تَمَطَّي بصُلْبِهِ + وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بَكَلْكَلِ
تمطى أي: تمدد، ويجوز أن يكون التمطي مأخوذًا من المطا، وهو الظهر، فيكون التمطي مد الظهر، ويجوز أن يكون منقولًا من التمطط فقلبت إحدى الطاءين ياء كما قالوا: تظنّي تظنيًا والأصل تظنن تظننًا، وقالوا: تقضّى (هوى ليقع) البازي تقضيًا أي: تقضض تقضضًا، والتمطط التفعل من المط، وهو المد.
وفي الصلب ثلاث لغات مشهورة، وهي: الصُّلْب، بضم الصاد وسكون اللام، والصُّلُب بضمهما، والصَّلَب بفتحهما؛ ومنه قول العجاج يصف جارية: [الرجز]:
ريّا العظام فخمة المخدَّم + في صَلَب مثل العنان المؤدم
ولغة عربية وهي الصالب، وقال العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- يمدح النبي عليه السلام: [المنسرح]:
شرح الكلمات:
- الإرداف: الإتباع والاتِّباع وهو بمعنى الأول ههنا.
- الأعجاز: المآخير، الواحد عَجُز وعَجِز وعَجْز.
- ناء: مقلوب نأى بمعنى بعد، كما قالوا: راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى (أعجب).
- الكلكل: الصدر والجمع كلاكل. الباء في قوله ناء بكلكل للتعدية، وكذلك هي في قوله: تمطى بصلبه، استعار لليل صلبًا واستعار لطوله لفظ التمطي ليلائم الصلب واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره لفظ الأعجاز.
معاني البيت:
- يقول: فقلت لليل لما مد صلبه يعني لما أفرط طوله، وأردف أعجازًا يعني ازدادت مآخيره امتدادًا وتطاولًا، وناء بكلكل يعني أبعد صدره، أي: بَعُدَ العهد بأوله.
- وتلخيص المعنى: قلت لليل لَمّا أفرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره تطاولًا، وطول الليل ينبئ عن مقاساة الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها؛ لأن المغموم يستطيل ليله، والمسرور يستقصر ليله.
تحليل البيت:
البيت من معلقة الشاعر العربي الجاهلي امرئ القيس، وهو من أبيات القصيدة التي تتحدث عن معاناة الشاعر من الليل الطويل، ورغبته في أن ينجلي الصبح.
في البيت، يخاطب الشاعر الليل، ويعبر عن انزعاجه منه. حيث يقول: "قلت له لما تمطى بصلبه، وأردف أعجازًا، وناء بكلكل". أي أنه قال لليل لما طال واشتدت ظلمته، وازدادت أواخره طولاً، وابتعدت بدايته.
وعلى مستوى الأسلوب، يتميز البيت بالوضوح والبساطة، حيث استخدم الشاعر كلمات سهلة ومفهومة، وجملًا قصيرة وسهلة الفهم. كما استخدم البحر البسيط، وهو من البحور السهلة الوزن والضبط.
الخصائص الفنية:
وفيما يلي بعض الملاحظات على البيت:
- استخدام أسلوب الخطاب للتعبير عن انزعاجه من الليل.
- استخدام أسلوب الاستعارة المكنية في قوله: "تمطى بصلبه". حيث شبه الليل بالجمل الذي يتمطى.
- استخدام أسلوب الاستعارة المكنية في قوله: "أردف أعجازًا". حيث شبه الليل بهيكل البعير الذي تزيد أواخره طولاً.
- استخدام أسلوب الاستعارة المكنية في قوله: "ناء بكلكل". حيث شبه الليل بطائر النعامة الذي يبتعد عن مكانه.
وبشكل عام، يعد هذا البيت من الأبيات الجميلة في معلقة امرئ القيس، حيث يعبر عن معاناة الشاعر من الليل الطويل، ورغبته في أن ينجلي الصبح.
التسميات
شرح معلقة امرئ القيس