شرح وتحليل: دَريرٍ كَخُذْروفِ الوليدِ أمَرَّهُ + تتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

دَريرٍ كَخُذْروفِ الوليدِ أمَرَّهُ + تتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

الدرير: من دَرّ يدر، وقد يكون درّ لازمًا ومتعديًا يقال: درت الناقة اللبن فدر اللبن، ثم الدرير ههنا يجوز أن يكون بمعنى الدار من دار إذا كان متعديًا، والفعل يكثر مجيئه بمعنى الفاعل نحو قادر وقدير وعالم وعليم.
ويجوز أن يكون بمعنى الْمُدِرّ من الإدرار وهو جعل الشيء دارًّا، وقد يكثر الفعيل بمعنى المفعل كالحكيم بمعنى المحكم والسميع بمعنى المسمع.
ومنه قوله عمرو بن معديكرب: [الوافر]:
أمن ريحانة الداعي السميعِ + يؤرقني وأصحابي هجوع
أي المسمع.
الخذروف: حصاة مثقوبة يجعل الصبيان فيه خيطًا فيديرها الصبي على رأسه.
شبه سرعة هذا الفرس بسرعة دوران الحصان على رأس الصبي.
الوليد: الصبي، والجمع الولدان، وجمع خذاريف، والوليدة: الصبية، وقد يستعار للأمة، والجمع الولائد. الإمرار: إحكام الفتل.
يقول: هو يدرّ العدو والجري أي: يديمهما ويواصلهما ويتابعهما ويسرع فيهما إسراع خذورف الصبي إذا أحكم فتل خيطه وتتابعت كفاه في فتله، وإدارته بخيط قد انقطع ثم وصل، وذلك أشد لدورانه لانملاسه ومرونه على ذلك.
وتحرير المعنى: أنه مديم السير والعدو متابع لهما، ثم شبهه في سرعة مره وشدة عدوه بالخذروف في دورانه إذا بولغ في فتل خيطه موصلًا؛ ويسوغ في إعراب درير ما ساغ في إعراب مسح من الأوجه الثلاثة.

تحليل الشطرين الشعريين:

الشطر الأول: دَريرٍ كَخُذْروفِ الوليدِ أمَرَّهُ

  • درير: كما شرحت، يمكن أن يحمل معاني متعددة هنا، لكن الأقرب في السياق هو معنى "المديم للسير والعدو". أي أن الفرس يستمر في الجري بسرعة ودون توقف.
  • كخذروف الوليد: تشبيه بديع يضفي على وصف الفرس حيوية ونشاطاً. الخذروف هو تلك الحصاة المثقوبة التي يدور بها الصبي بسرعة. فالشاعر يشبه سرعة الفرس بسرعة دوران الخذروف.
  • أمرره: أي أشد دوراناً وأسرع. يعطي هذا الفعل قوة للتشبيه ويؤكد على سرعة الفرس الهائلة.
  • معنى الشطر الأول: الفرس يجري بسرعة هائلة وكأنه خذروف يدور بسرعة فائقة في يد صبي.

الشطر الثاني: تتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

  • تتابع كفيه: يشير إلى حركة اليدين المتسارعة أثناء دوران الخذروف.
  • بخيط موصل: الخيط الذي يربط الخذروف بيد الصبي، وعبارة "موصل" تدل على استمرارية الدوران دون انقطاع.
  • معنى الشطر الثاني: حركة يدي الصبي أثناء دوران الخذروف متتابعة وسريعة، وكأنها متصلة بخيط واحد لا ينقطع.

الربط بين الشطرين والمعنى العام:

الشاعر يصف الفرس بأنه يجري بسرعة فائقة، ويقارن بين حركته وحركة الصبي وهو يدور بالخذروف. الصورة الشعرية هنا واضحة وقوية، فالفرس ليس مجرد حيوان يجري، بل هو كائن حيوي ونشط يتحرك بسرعة مذهلة.

المعنى العام للبيتين:

الشاعر يصور الفرس بسرعة فائقة وحركة متواصلة، مستخدمًا تشبيهاً بديعاً بالخذروف الذي يدور بسرعة في يد الصبي. هذا التشبيه يضفي على الوصف حيوية ونشاطاً، ويجعل القارئ يتخيل سرعة الفرس وقوته.

أساليب بلاغية:

  • التشبيه: وهو أساس هذا البيت الشعري، حيث شبه الشاعر الفرس بالخذروف.
  • الطباق: بين "درير" و"أمرره"، فالأول يدل على الاستمرار والثاني على الشدة والسرعة.
  • التكرار: تكرار فعل "در" في معانٍ مختلفة يعطي للبيت قوة ومعنى أعمق.

خاتمة:

هذا البيت الشعري يعتبر نموذجاً للوصف الشعري الدقيق والواضح، حيث استطاع الشاعر أن يصور لنا صورة حية للفرس السريع، مستخدمًا مجموعة من الأساليب البلاغية التي زادت من جمال البيت وقوته.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال