وَدَارٌ لَهَا بالرّقْمَتَينِ كأنّها + مراجيعُ وشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
- الرقمتان: حرّتان (الأرض ذات الحجارة السود) إحداهما قريبة من البصرة والأخرى قريبة من المدينة.
- المراجيع: جمع المرجوع، من قولهم: رجعه رجعًا، أراد الوشم المجدد والمردّد.
- نواشر المعصم: عروقه، الواحد: ناشر، وقيل ناشرة، والمعصم: مواضع السوار من اليد والجمع المعاصم.
- يقول: أمن منازلها دار بالرقمتين؟ يريد أنها تحل الموضعين عند الانتجاع (طلب الكلأ ومساقط الغيث)، ولم يرد أنها تسكنهما جميعًا؛ لأن بينهما مسافة بعيدة، ثم شبه رسوم دارها بهما بوشم في المعصم قد رُدِّدَ وَجُدِّدَ بعد انمحائه، شبه رسوم الدار عند تجديد السيول إياها بكشف التراب عنها بتجديد الوشم.
تلخيص المعنى:
أنه أخرج الكلام في معرض الشك في هذه الدار أهي لها أم لا، ثم شبه رسومها بالوشم المجدد في المعصم، وقوله: ودار لها بالرقمتين، يريد: وداران لها بهما، فاجتزأ بالواحد عن التثنية لزوال اللُّبس إذ لا ريب في أن الدار الواحدة لا تكون قريبة من البصرة والمدينة؛ وقوله: كأنها، أراد كأن رسومها وأطلالها، فحذف المضاف.
التحليل:
يُعبّر هذا البيت عن تشبيه رسوم دار الحبيبة بوشم مُجدد على معصم يد جميلة. فالدار لها موقعان متباعدان، أحدهما قرب البصرة والآخر قرب المدينة المنورة، مما يوحي بقدمها وتقادمها. ويشبّه الشاعر رسوم هذه الدار القديمة بوشم على معصم يد جميلة، كأنّ هذه الرسوم هي عبارة عن تذكارات جميلة تحفرت في ذاكرة الزمن.
ملاحظات:
- استخدم الشاعر لفظ "الرقمتان" للدلالة على كثرة الرسوم والكتابات على الدار، وكأنّها رقم مكتوب على المعصم.
- شبه الشاعر الدار بمعصم يد جميلة، ممّا يدلّ على عِظم شأنها ومكانتها في قلبه.
- يُضفي هذا التشبيه على الدار نوعاً من الجمال والرقة، ممّا يزيد من شوق الشاعر إليها.
الجماليات:
- استخدم الشاعر الصورة الحسية المُلموسة في تشبيه رسوم الدار بوشم على المعصم، ممّا جعل الصورة أكثر وضوحاً وتأثيراً في القارئ.
- وظّف الشاعر أسلوب الاستعارة المكنية في تشبيه الدار بمعصم يد جميلة، ممّا أضفى على المعنى سعةً ودلالةً أعمق.
- حرص الشاعر على استخدام الألفاظ الجزلة والعبارات المُبهرة، ممّا جعل المعنى أكثر بلاغةً وفصاحةً.
دلالة البيت:
يُشير هذا البيت إلى عِظم شأن الحبيبة في قلب الشاعر، وتعلقه بها وبمكانها. كما يُدلّ على قدم ذكريات الشاعر مع هذه الحبيبة، وجمال المكان الذي جمعهما.
الخاتمة:
يُعدّ هذا البيت من أجمل أبيات الشعر العربي، فهو يجمع بين المعنى العميق والصورة الجميلة، والأسلوب البلاغي المُتقن.
التسميات
شرح معلقة زهير بن أبي سلمى