الفرنجة وغالة.. كلوفيس هو مؤسس البيت الميروفنجي والدولة الفرنجية التي عاشت طوال العصور الوسطى وتولدت منها مملكة فرنسا في التاريخ الأوربي الحديث

الفرنجة هم أحد عناصر الجرمان الغربيين الذين صاروا في القرنين الثالث والرابع قوة جرمانية كبيرة وانسابوا في شمال غالة مكونين مجموعتين كبيرتين هما الفرنجة البحريون أو الساليون Saliens والفرنجة البرّيون أو الريبوريون Ripuaires.

وظل الفرعان مصدر خطر كبير على سلطات الإمبراطورية الروماينة في غالة فترة طويلة وبعد سقوط الإمبراطورية الغربية سنة 476م تطلع الفرنجة البحريون للاستيطان في غالة ونجح كلوفيس زعيم الفرنجة البحريين ومؤسس دولتهم أن يلحق الهزيمة بممثل الإدارة الرومانية في غالة سنة 486م ويمهد للانتشار في الجهات الشمالية من غالة.

ويعتبر كلوفيس هو مؤسس البيت الميروفنجي والدولة الفرنجية التي عاشت طوال العصور الوسطى وتولدت منها مملكة فرنسا في التاريخ الأوربي الحديث.

كانت قوة الفرنجة ترجع إلى جرأة وطموح كلوفيس الذي لعب دوراً كبيراً في تاريخ فرنسا ثم في تاريخ الغرب الأوربي ثانياً.

وكذلك ترجع إلى حرص الفرنجة على التوسع فقط في المناطق المجاورة لهم فظل موطنهم الأصلي في الحوض الأدنى لنهر الراين وذلك بخلاف بقية العناصر الجرمانية التي ابتعت عن مواطنها الأصلية وصارت تحت رحمة الأعداء.

ولهذا احتفظ الفرنجة بحضارتهم وتراثهم وحيويتهم وظلوا أمة مترابطة تعلو فوق عوامل التفكك والضياع وسط المحيط اللاتيني الكبير الذي نجح في إذابة جماعات جرمانية أخرى.

ولكن أهم خطوة كفلت الاستمرار والبقاء لمملكة الفرنجة هو ما قام به كلوفيس سنة 496م من تحول من الوثنية إلى الكاثوليكية السائدة في غالة، فأقدم بذلك على أهم خطوة في تقريب نفسه من قلوب السكان وسلطات الكنيسة الكاثوليكية في غالة وأحل قومه منزلة هامة وسامية بين أهل البلاد المفتوحة.
وسوف يترتب على هذه الخطوة نتائج سياسية هامة.

وهكذا صار كلوفيس بهذا التصرف الحكيم بطلاً من أبطال المسيحية الكاثوليكية وسيفاً من سيوف المسيح لتقليم أظافر الممالك الأريوسية المجاورة ووضع حدّ لعبثها في البلاد والقضاء على زندقتها الدينية باسم الكنيسة الكاثوليكية.

وقد رضي كلوفيس وهو ملك من البرابرة أن تستلم حكومته الإرشاد من الكنيسة وأن يضع نفسه في خدمة تلك الكنيسة وقد  دام هذا الحلف طويلاً بين دولة الفرنجة والكنيسة الكاثوليكية وآذن بظهور عصر جديد في تاريخ غالة والتاريخ الأوربي معاً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال