غزو الجرمان للامبراطورية الرومانية.. قوم من البدو الرحل يعشقون الحرب ولهم شغف كبير بالصيد ولا يميلون كثيرا إلى امتهان الزراعة

الجرمان أصلهم من الجنس الآري الذين سكنوا آسيا الوسطى قديما ويذكر أن الغاليين Gaulois هم الذين أطلقوا عليهم تسمية الجرمان ويعنون بها جيران لأن الجرمان كانوا يتمركزون وراء نهر الراين.

وقد تحدث عنهم يوليوس قيصر وقال أنهم كانوا يسكنون حول بحر البلطيق وذكر فرقا منهم وهم القوط الرغبيون والقوط الشرقيون والوندال والآٍلان والفرنحة واللومبارديين والأنجلوساكسون والأمان والنورمانديون ثم زحفوا تدريجيا واستقروا على حدود الامبراطورية الرومانية.

وقد وصف يوليوس قيصر في القرن الأول قبل الميلاد كثيرا عن حملاته في غالة وأكثر من وصف الجرمان وذلك في المذكرات الواردة في كتابه De bello Gallico.

ومما ورد في كتابات تاكيتوس في أوائل القرن الثاني الميلادي تتضح صورة الحياة التي كانت تحياها العناصر من البرابرة وطرق معيشتها وأساليبها في الحياة العامة وجياتها الحربية.

فتشير الروايات إلى أنهم قوم من البدو الرحل يعشقون الحرب ولهم شغف كبير بالصيد ولا يميلون كثيرا إلى امتهان الزراعة وكانت لهم فضائل كثيرة أهمها كرم الضيافة واحترام العهد والشجاعة الفائقة والنظافة والعفة.
وكانوا يتخذون من جلود حيوان الرنة لباسا يغطي جانبا ضئيلا من أجسادهم.

ويذكر أنهم كانوا يستحمون ذكوراً وإناثا في الأنهار، وغذاؤهم اللحم واللبن والجبن وكاوا يتجولون باستمرار خلال الغابات الكثيفة  والمستنقعات وكاوا دوما يرتحلون من مكان إلى آخر ولم يكن لهم ذخل إلا ما كانوا يحصلون عليه بواسطة الحرب والقتال.

أما بلادهم جرمانيا فقد وصفها تاكيتوس بكونها منطقة تحوطها الغابات الكثيفة وتغطيها المستنقعات وانعكست طبيعة هذه البلاد على سكانها من الجرمان وخصوصا في طبائعهم وميلهم إلى الغلظة.

وكان الجرمان ذوي أجسام فارعة وبشرة ناصعة البياظ وعيون حادة زرق وشعر أشقر مرسل وكانوا يشربون الخمر حتى الثمالة ويعشقون الشجار والمقامرة وكذلك العناء، ويخلصون إخلاصا شديدا لشيخ العشيرة وكانت لهم شهوة جامحة نحو المغامرات الحربية.

ومن أهم مميزاتهم الاجتماعية احترامهم لرباط الأسرة القوي ورعايتهم للمرأة وكرههم لتعدد الزوجات وحبهم للإكثار من الدرية فضلاً عن تمتع الأب بسلطة تامة على زوجته وأولاده وهذه الصفات لم تتغير حتى بعد اختلاطهم بالرومان.

وكان للجرمان عادة الإكثار من الأولاد في الأسرة الواجدة وهذا ما لأدى إلى تفوقهم على الرومان تفوقا عدديا حاسما حين اندلعت الحروب بين الفريقين واشتد القتال.

وكانت العشيرة تتألف من مجموعة من الأسرات ذات القرابة، وتمتع رئيس العشيرة بمكانة ممتازة وسلطة تكاد تكون مطلقة وحصل من رفاقه المحاربين على يمين الولاء وعهد بالدفاع عنه وحمايته وكان هو بدوره يبالغ في إظهار كرمه وسخائه نحو رفاقه.

ومن مجموعة العشائر المختلفة كانت تتألف القبيلة الكبرى أو الفرع الجرماني الكبير.
وعرف الجرمان نظام الطبقات حيث كان هناك ثلاثة طبقات اجتماعية: طبقة النبلاء وطبقة الأحرار وطبقة العبيد.

فبينما كان العبيد يقومون بأعمال الفلاحة وزراعة الأرض وغيرها من الأعمال اليومية اقتصر دور النبلاء وهم صفوة المجتمع الجرماني على بممارسة الحرب والتمتع بشرف الانتساب للفئة المميزة في المجتمع وهي فئة المحاربين ولم بحتل الأحرار الحرمان منزلة هامة في هذا المجتمع فلم يزيدوا كثيرا عن طبقة الفالحين من العبيد وإنتميزا عنهم بملكيتهم قطعا صغيرة من الأرض لأن الحرية في المجتمع الحرمان ارتبطت إلى حد كبير بملكية الأرض.

وكانت حياة القبائل الجرمانية حافلة بالحروب فيما بينها، حتى يذكر أن الجرمان صارروا جموعا من القبائل والعشائر المتناحرة فيما بينها كما أن نظرتهم لجارتهم الامبراطورية الرومانية اختلفت من طرف إلى آخر، فنظر إليها بعضهم على أنها عدو تجب محاربته في حين نظر إليها البعض الآخر على أنها موطن يرجى استيطانه ومصدر للرزق يمكن الإفادة منه ببذل الخدمة العسكرية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال