سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب.. تطوير البابوية في إيطاليا بعد أن أفسحت لها السلطة الرسمية المجال وذلك للحصول على ولاء الإيطاليين والالتفاف حول البابا

وصلت الإمبراطورية الرومانية إلى مستوى خطير من الضعف والاضمحلال خصوصاً بعد وفاة فالنسيان الثالث سنة 455م، وخصوصاً بعد أن عاث فيها الجرمان فساداً بل إنهم أقاموا بها دويلات مستقلة داخل حدودها الرسمية وخصوصاً بعد أن سيطر على مصائرها قادة عسكريون تجري في عروقهم الدماء الجرمانية ولم يكن لهم أي اهتمام بالمحافظة على أمجاد روما وضمان سلامتها وأمنها.

وقد ظهر قائد شهير من الجرمان الشرقيين وهو إدواكر Odovacer قائد الإمبراطور الروماني الصغير روميلوس أوغسطولوس الذي أدرك سنة 476م أن لديه من القوة ما يمكنه من خلع الإمبراطور الغربي وإدارة شؤون إيطاليا.

وقد سلك طريقاً ديبلوماسية للوصول إلى هدفه إذ أعلن ولاءه للأمبراطورية الشرقية وارتبط بالتبعية لها وحصل من مجلس السيناتو عل موافقة شكلية فاتصل بالإمبراطور زينون لطلب تفويض بحكم إيطاليا في ظل التبعية للقسطنطينية وخلع الإمبراطور الغربي.

ورحب الإمبراطور زينون بعودة إيطاليا وما بقي لها من نفوذ إسمي في الغرب إلى حظيرة الإمبراطورية الشرقية وهو الأمر الذي شجع أدواكر وخلغ آخر الأباطرة الرومان في الغرب سنة 476م ونفاه إلى جنوب إيطاليا وانفرد بتسيير دفة الحكم في إيطاليا ووضع نهاية لمجد الإمبراطورية الرومانية في الغرب وظل غرب أوربا دون إمبراطور حتى توج شارلمان سنة 800م.

ويذكر المؤرخون أن هذا الحدث المتمثل في سقوط عاصمة الإمبراطورية الرومانية في الغرب صار حدا فاصلاً بين العصور القديمة والعصور الوسطى كما كانت له آثار سلبية بالنسبة لممالك الجرمان بغرب أوربا إذ ساعد على تطوير هذه الممالك واستقلالها وتحررها من أية ضوابط.

وكان لهذا الحدث أثر ثالث تمثل في كونه عمل على تطوير البابوية في إيطاليا بعد أن أفسحت لها السلطة الرسمية المجال وذلك للحصول على ولاء الإيطاليين والالتفاف حول البابا وتفويضه الزعامة في غياب الإمبراطور.

وصار الشعب الإيطالي ينظر إلى الكنيسة في روما على أنها الحصن الثاني للدفاع عن إيطاليا واستعادة مجدها وكان لذلك دون شك أبلغ النتائج بالنسبة لغرب أوربا بصفة عامة وتاريخ البابوية بصفة خاصة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال