غزو الجرمان لإفريقيا الشمالية.. نزوح الوندال من إسبانيا إلى شمال إفريقيا تحت قيادة جنسريق والاستيلاء على نوميديا وفتح قرطاجنة والبروقنصلية

اضطر الوندال وهم فرع من الجرمان الشرقيين إلى ترك إسبانيا والنزوح إلى شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط سنة 429م تحت قيادة ملكهم جنسريق، وكان ذلك كما ذكرنا آنفاً تحت ضغط القوط الغربيين.

وقد تم استيلاء الوندال على نوميديا وما يليها غرباً واتخذوا من بونة عاصمة مملكتهم واستغلوا في ذلك ضعف روما وتمزقها وكذلك اشتغال الرومان بحرب القوط.

فلم يهمل جنسريق هذه الفرصة وذهب إلى قرطاجنة ففتحها من غير عناء واستولى على البروقنصلية وتم له بذلك الاستيلاء على تونس والجزائر ومراكش وذلك سنة 439م.

وقد أقام جنسريق في إفريقيا دولة عظيمة حسب التقاليد الجرمانية التي لم يتردد في إدخال تغييرات عليها كلما اقتضى الأمر ذلك ولقد استقام لملك الونذال والآلان منذ سنة 442م ملك مطلق.

ويرى مبارك الميلي أن سرعة احتلال الوندال للغرب هو مساعدة البربر لهم والسبب في ذلك- يقول الميلي- أنهم كانوا ينفرون من سلطة روما ويعشقون الاستقلال.

ونظراً لكون الوندال أمة حربية متعصبة لمنهجه فإن أعمالهم كانت منحصرة في تخريب حصون الرومان وامتلاك ما كانواأخذوه عن البربر من أراض واضطهاد الأرثوذكس الرومانيي النزعة.

غير أنه من الممكن القول أنه كانت للوندال نواح إيجابية بالنسبة إلى البربر وذلك من ناحيتين: من الناحية الاقتصادية أنه لم مكن كثيراً من الطبقات البربرية الفقيرة من عمال الأرض الأجراء والقبائل المطاردة من استرداد أراضيها الزراعية التي صادرها الرومان.

أما الجانب الثقافي فقد قضوا على الطبقة الرومانية والمترومنة وبالتالي فقد حد وجودهم ولو جزئياً من انتشار اللغة اللاتينية والثقافة الرومانية.

وقد قضى الوندال فترة احتلالهم لشمال إفريقيا في سلسلة من الحروب والثورات مع البربر وكان مصير الجيش الوندالي هزيمة ساحقة سنة 523م وطردوا من شمال إفريقيا رغم احتلالهم الذي دام حوالي قرن من الزمان فقد سقط حكم الوندال بدخول القائد البيزنطي بليزاريوس إلى قرطاجنة وهزيمته للامبراطور الوندالي جليمار سنة 534م.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال