شرح وتحليل: لَعَمرُك إنّ الْمَوتَ ما أخطأ الفتى + لكالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْياهُ باليَدِ.

لَعَمرُك إنّ الْمَوتَ ما أخطأ الفتى + لكالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْياهُ باليَدِ.

العَمْر والعُمْر والعُمُر بمعنى، ولا يستعمل في القَسَم إلا بفتح العين.
قوله: ما أخطأ الفتى، فما مع الفعل هنا بمنزلة مصدر حل محل الزمان، نحو قولهم: آتيك خفوق النجم ومقدم الحاج، أي: وقت خفوق النجم ووقت مقدم الحاج.

شرح الكلمات:

الطِّوَل: الحبل الذي يُطَوَّلُ للدابة فترعى فيه.
الإرخاء: الإرسال.
الثني: الطرف، والجمع الأثناء.

مضمون البيت:

يقول: أقسم بحياتك أن الموت في مدة إخطائه الفتى، أي: مجاوزته إياه، بمنزلة حبل طُوِّلَ للدابة ترعى فيه وطرفاه بيد صاحبه، يريد أنه لا يتخلص منه، كما أن الدابة لا تفلت ما دام صاحبها آخذًا بطرفي طولها، لما جعل الموت بمنزلة صاحب الدابة التي أرخى طولها، قال: متى شاء الموت قاد الفتى لهلاكه، ومن كان في حبل الموت انقاد لقوده.

تحليل البيت:

هذا البيت من معلقة الشاعر العربي الجاهلي طرفة بن العبد، وهو بيت مشهور في الشعر العربي، ويُعد من أجمل وأروع أبيات الشعر في وصف الموت.

تصوير الموت:

يبدأ البيت بالقسم بعمر الشاعر: "لَعَمرُكَ إنّ الْمَوتَ ما أخطأ الفتى". وهذا القسم يؤكد على أن الموت لا يخطئ أحدًا، سواء كان شابًا أو عجوزًا، غنيًا أو فقيرًا، شريفًا أو حقيرًا.
ثم يشبه الشاعر الموت بـ "كالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْياهُ باليَدِ". والطول هنا هو حبل طويل، يُرخى لحيوان ليرعاه في المرعى، ولكن طرفيه في يد صاحب الحيوان، أي أنه تحت سيطرته.
ومعنى هذه الصورة أن الموت في يد القدر، وهو لا يترك أحدًا، حتى لو كان الشاب الذي يتمتع بالقوة والنشاط. فالموت قد يأتيه في أي وقت، كما يأتي الحيوان الذي يُرخى له الحبل.

الموت قدر محتوم:

وهذا المعنى يحمل رسالة إنسانية مهمة، وهي أن الموت قدر محتوم على كل إنسان، ولا يمكن لأحد أن يتهرب منه أو يتجنبه. لذلك، يجب أن نعيش حياتنا على أكمل وجه، وأن نستغلها في فعل الخير والأعمال الصالحة.
وهذا البيت يُعد من أجمل أبيات الشعر في وصف الموت، لأنه يعبر عن هذا المعنى بطريقة بليغة وقوية. كما أنه يتميز بتصويره المبدع، الذي يشبه الموت بحبل طويل في يد القدر.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال