رَأَيْتُ الْمَنايا خَبطَ عشواءَ من تُصب + تُمِتْهُ وَمَنْ تُخطئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
شرح الكلمات:
- الخبط: الضرب باليد، والفعل خبط يخبط.
- العشواء: تأنيث الأعشى، وجمعها عُشْو، والياء في عشِيَ منقلبة عن الواو كما كانت في رضي منقلبة عنها، والعشواء: الناقة التي لا تبصر ليلًا، ويقال في المثل: هو خابط خبط عشواء، أي قد ركب رأسه في الضلالة كالناقة التي لا تبصر ليلًا فتخبط بيديها على عمى، فربما تردَّت في مهواة وربما وطئت سبعًا أو حية أو غير ذلك.
- قوله: ومن تخطئ أي ومن تخطئه، فحذف المفعول، وحذفه سائغ كثير في الكلام والشعر والتنزيل. التعمير: تطويل العمر.
يقول: رأيت المنايا تصيب الناس على غير نسق وترتيب وبصيرة، كما أن هذه الناقة تطأ على غير بصيرة، ثم قال: من أصابته المنايا أهلكته ومن أخطأته أبقته فبلغ الهرم.
معنى البيت:
هذا لبيست الشعري يصور الموت على أنه قوة عمياء لا تميز ولا تفرق، تضرب عشوائياً كما تضرب الناقة العمياء. الشاعر يرى أن الموت يأتي فجأة ومن غير سابق إنذار، ولا يراعي في ضربه إلا المصادفة والحظ.
التحليل اللغوي والمعنوي:
- رَأَيْتُ الْمَنايا: الشاعر يستخدم الأسلوب المجازي لرؤية المنايا، أي الموت، كأنه يشاهدها وهي تقوم بعملها. هذا يعطي للشعر قوة تصويرية ويجعل الموت كيانًا ملموسًا.
- خَبطَ عشواءَ: هذا التعبير مجازي قوي يشبه الموت بضرب الناقة العمياء التي لا ترى، فتصيب ما حولها عشوائياً. هذا يعكس فكرة أن الموت يأتي بدون ترتيب أو نظام.
- من تُصب + تُمِتْهُ: يشير إلى أن من تصيبه المنايا يموت. الفعل "تصب" هنا يحمل معنى الإصابة المستهدفة، ولكن في سياق الشطر يأخذ معنى الإصابة العشوائية.
- وَمَنْ تُخطئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ: يعني أن من تفوته المنايا يعيش طويلاً حتى يبلغ سن الهرم. هذا الجزء من الشطر يبرز فكرة التناقض بين الحياة والموت، وكيف أن الحظ قد يلعب دورًا كبيرًا في تحديد طول العمر.
المعنى العام للبيت الشعري:
البيت الشعري يعبر عن شعور الإنسان بالضعف أمام الموت، وكيف أنه قوة لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها. كما يعكس فكرة أن الحياة والموت أمران متلازمان، وأن الموت هو نهاية حتمية لكل إنسان.
دلالات البيت الشعري:
- الفناء: الشطر يذكرنا بفناء الحياة وحتمية الموت.
- الحظ: يبرز دور الحظ في تحديد طول العمر ووقت الموت.
- القدر: يمكن أن يفسر الشطر على أنه يعبر عن إيمان الشاعر بالقدر والمصير.
- الغموض: الموت يمثل غموضًا كبيرًا للإنسان، والشطر يعكس هذا الغموض.
القيمة الفنية:
- البساطة والوضوح: اللغة المستخدمة بسيطة وواضحة، مما يسهل على القارئ فهم المعنى.
- العمق المعنوي: رغم البساطة، إلا أن الشطر يحمل عمقًا فلسفياً، إذ يعبر عن حقيقة لا جدال فيها وهي الموت.
- الجمال البياني: استخدام التشبيه (الناقة العشواء) يضفي على الشطر جمالاً أدبياً.
الخلاصة:
الشطر الشعري "رَأَيْتُ الْمَنايا خَبطَ عشواءَ من تُصب + تُمِتْهُ وَمَنْ تُخطئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ" هو تصوير شعري قوي للموت كقوة عمياء وعشوائية. الشاعر يستخدم لغة مجازية قوية لإيصال فكرة أن الموت هو أمر حتمي ولا يمكن التنبؤ به.
التسميات
شرح معلقة زهير بن أبي سلمى