شرح وتحليل: دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهدِ أنيسِها + حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وَحَرَامُها

دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهدِ أنيسِها + حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وَحَرَامُها


الشرح:

التجرم: التكمل والانقطاع، يقال: تجرّمت السنة وسنة مجرّمة أي مكملة.
العهد: اللقاء، والفعل عهد يعهد.
الحجج: جمع حجة وهي السنة.
وأراد بالحرام الأشهر الحرم، وبالحلال أشهر الحل.
الخلو: المضي، ومنه الأمم الخالية، ومنه قوله عز وجل: {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} [الأحقاف: 17].
دمن جمع دمنة، وهي آثار الديار، تجرم أي تكمل وانقطعت، بعد عهد أنيسها أي بعد عهد أهلها، حجج خلون أي سنون مضت، حلالها أي أشهر الحل فيها، وحرامها أي أشهر الحرم فيها.

معاني البيت:

يقول: هي آثار ديار قد تمت وكملت وانقطعت بعد عهد سكانها بها. سنون مضت أشهر الحرم وأشهر الحل منها.
وتحرير المعنى: قد مضت بعد ارتحالهم عنها سنون بكمالها.
خلون: المضمر فيه راجع إلى الحجج، وحلالها بدل من الحجج، وحرامها معطوف عليها، والسنة لا تعدو أشهر الحرم وأشهر الحل، فعبر عن مضي السنة بمضيهما.

شرح البيت:

يصف الشاعر في هذا البيت ديار قومه التي خلت منهم، وأصبحت آثارًا مهجورة. ويصور الدمن التي بقيت منها بعد أن انقرض أهلها، وتقطعت علاقتهم بها، كما تقطعت العلاقة بين العبد وبين سيده، أو بين الغريب وبين وطنه.
ويشير الشاعر إلى أن هذه السنون التي مضت منذ ترك أهل الديار لها، قد مرت بجميع أيامها، سواء كانت أيام حل أو أيام حرام. وهذا تعبير عن طول الزمن الذي مضى منذ غيابهم.

تحليل البيت:

يتميز البيت بأسلوبه البديع، وتصويره الدقيق، وتعبيره عن المشاعر الإنسانية العميقة. ويعتمد الشاعر في البيت على استخدام المحسنات البديعية التالية:
  • التكرار: تكرار كلمة دمن في مطلع البيت، وتكرارها في آخره، يؤكد على فكرة الدمن المهجورة.
  • التورية: كلمة تجرم فيها تورية، فهي تعني في اللغة العربية اكتمال الشيء وانقطاعه، وفي هذا البيت تعني اكتمال الدمن وانقطاعه عن أهله.
  • الاستعارة: استعار الشاعر الدمن لأهل الديار، فقال: دمن تجرم بعد عهد أنيسها، وهذا تعبير عن أن أهل الديار قد انقرضوا، وأصبحوا ذكرى.
ويمكن أن نقول إن البيت الأول من معلقات عمرو بن كلثوم، يعبر عن فكرة الشوق والحنين إلى الوطن، وإلى الماضي الجميل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال