مَشمولَةٍ غُلِثَتْ بِنابِتِ عَرْفَجٍ + كَدُخانِ نارٍ ساطِعٍ أَسنامُها
الشرح:
- مشمولة: هبت عليها ريح الشمال، وقد شمل الشيء أصابته ريح الشمال.
- الغلت، والعلث: الخلط، والفعل غلث يغلث، بالغين والعين جميعًا.
- النابت: الغض.
ومنه قول الشاعر: [الكامل]:
ووطئتنا وطأً على حنق + وطء المقيد نابت الْهَرْمِ
- أي غضّه: العرفج: ضرب من الشجر، ويروى: عُلِيت بنابت، أي: وضع فوقها.
- الأسنام: جمع سنام، ويروى: بثابت أسنامها، وهو الارتفاع والرفع جميعًا.
التحليل:
يقول: هذه النار قد أصابتها الشّمال وقد خلطت بالحطب اليابس والرطب الغض كدخان نار قد ارتفع أعاليها، وسنام الشيء أعلاه، شبه الغبار الساطع من قوائم العير والأتان بنار أوقدت بحطب يابس تسرع فيه النار وحطب غض، وجعلها كذلك ليكون دخانها أكثف فيشبه الغبار الكثيف، ثم جعل هذا الدخان الذي شبه الغبار به كدخان نار قد سطع أعاليها في الاضطرام والالتهاب ليكون دخانه أكثر، وجرّ مشمولة، لأنه صفة لمشعلة، وقوله: كدخان نار ساطع أسنامها، صفة أيضًا، إلا أنه كرر قوله كدخان لتفخيم الشأن وتعظيم القصة، كنظائره، من مثل: [الطويل]:
أرى الموت لا ينجو من الموت هاربه
وهو أكثر من أن يحصى.
الشرح والمعنى العام للبيت:
البيت الشعري المذكور يصف مشهدًا طبيعيًا بديعًا، وهو مشهد نار مشتعلة بقوة، وقد استخدم الشاعر مجموعة من الصور الشعرية البديعة لوصف هذا المشهد.
- مشمولة: تعني أن النار قد أصابتها ريح الشمال القوية، مما زاد من اشتعالها واندفاع لهبها.
- غلثت بنابت عرفج: يعني أن النار قد خلطت فيها حطبًا أخضر ورطبًا (نابت العرفج) مع الحطب اليابس، مما أدى إلى كثافة الدخان وارتفاعه.
- كدخان نارٍ ساطعٍ أسنامها: يشبه الشاعر الدخان المتصاعد من النار بدخان نار أخرى مشتعلة بقوة، واصفًا ارتفاعه وكثافته.
التحليل البلاغي والصوري:
- الاستعارة: شبه الشاعر الدخان المتصاعد من النار بدخان نار أخرى مشتعلة، وهذا هو أبرز مثال على الاستعارة في البيت.
- التكرار: كرر الشاعر كلمة "دخان" لتأكيد كثافة الدخان وارتفاعه، وهذا يعطي البيت قوة وصورة ذهنية واضحة.
- التضمين: تضمن البيت معاني عدة كالحرارة، والشدة، والارتفاع، والكثافة.
- الوصف الحسي: استخدم الشاعر حواسه البصرية والشمية لوصف المشهد، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يشاهد النار ويتنفس دخانها.
الأثر الفني للبيت:
- الجمال البصري: يقدم البيت صورة بصرية قوية وواضحة للنار والدخان، مما يثير إعجاب القارئ.
- القوة المعبرية: يستخدم الشاعر لغة قوية ومباشرة للتعبير عن قوة النار وعنفوانها.
- الإيقاع الموسيقي: يتميز البيت بإيقاع موسيقي جميل، مما يزيد من جاذبيته.
الخلاصة:
البيت الشعري المذكور يعتبر نموذجًا رائعًا للشعر الوصفي، حيث استطاع الشاعر من خلال كلمات قليلة أن يرسم لوحة فنية بديعة لنار مشتعلة، مستخدمًا مجموعة من الصور الشعرية والأساليب البلاغية التي زادت من جمال البيت وقوته التعبيرية.
التسميات
شرح معلقة لبيد بن ربيعة