الأقنان أو عبيد الأرض، ومفرهم قن وهو الفلاح الذي يعيش على قطعة الأرض يمنحها له السيد الإقطاعي.
وكان هذا القن يمتلك هذه الأرض أو تؤجر له مدى الحياة مقابل لأن يمنحه السيد الإقطاعي حمايته العسكرية وفي نظير ذلك يؤدي له القن أجرا سنويا من الغلال أو العمل أوالمال. والقن مربوط إلى هذه الأرض ولا يملك الحرية في الانتقال منها.
وللمالك أن يطرده منها متى شاء وإذا مات هذا القن فلا تنتقل قطعة الأرض إلى ورثته إلا بموافقة السيد الإقطاعي.
وإذا كانت هذه هي الأسس الرئيسة التي تقام عليها العلاقة بين السيد الإقطاعي والقن فهناك روابط أخرى تربط القن بالسيد الإقطاعي وبأرض الممنوحة له.
فمن المعروف أيضا إذا تزوج القن أو رزق بمولود فعليه أن يؤدي مبلغا معينا رمزا لتبعيته للسيد الإقطاعي كما أن القن كان من السلعة يباع ويشترى حسب ما برى السيد الإقطاعي.
والحقيقة أنه رغم أن هذه الروابط التي تبدو قاسية فإن القن نفسه لم يفضل ترك الأرض لأنها المورد الوحيد لكسب عيشه وإذا انتقل إلى آخر فالحال كما هو لذلك فضل القن البقاء وسط الأرض التي ولد وترعرع فيها عمل بها، كما لم يكن من السهل على السيد الإقطاعي أن يطرد أقنانه من الأرض لأن هذه الأرض سوف تصبح عديمة الفائدة بدونهم.
ولما كانت المنافع متبادلة بين السيد الإقطاعي وأقنانه فإن جماعات الأقنان عاشت في الأرض الممنوحة لها أجيالاً بعد أخرى.
وإذا كان من المتعارف عليه أن القن في أوربا العصور الوسطى كان يباع ويشترى فإنه كان يباع ويشترى مع الأرض نفسها، وهذا الوضع هو في صالح البائع والمشتري معا، فمن مصلحة المشترى أن يشتري الأرض مع العمال الذين خبروها وأصلحوها ومارسوا فلاحتها.
ومن أشهر ما عانى منه الأقنان حرب الوراثة التي تقع على الأرض إذا مات صاحبها دون إبن أو ابنته لذلك كان الأقنان يلحون على سيدهم بالزواج إذا ماتت زوجته حتى لا يتعرض لمثل هذه الحروب.
كان الفلاح يسكن الكوخ من الخشب يعلوه سقف من الخشب غالباً وإذا اشتعلت النار في أحد الأكواخ أتت على الكوخ تماماً.
وبداخل هذا الكوخ وجدت كبيرة توضع على الأرض ينام عليها القن وأسرته وبعض الأدوات المنزلية التي تفي بغرض الحياة وكانت الخنازير والدواجن تعيش في الفناء الممتد أمام المنزل وبلاقرب من هذا الكوخ كان يوجد فناء مسور للأبقار والخيول.
أما عن ملابس القن أو الفلاح فقد كانت قميصا من القماش أو جلد الحيوان وعيه سترة من الصوف أو من الجلد وسروالا ويشع في قدميه جذاء عاليا أو نصف عال.
وكان القن وزوجته يكدحان من يزوغ الشمس إلى غسق الليل ورغم هذا كله فلم يكن القن يعتبر نفسه مظلوما مغلوبا على أمره بل تصور نفسه بطلا يفلح الأرض قويا صبوراً وهو يتحمل كل ذلك العناء في سبيل أسرته وفي سبيل السيد الإقطاعي والذين يعيشون حوله.
وكان غذاء الفلاح يتكون من البيض ومنتجات الألبان والخضر وبعبض اللحوم والخبز الأسود.
وعاش مع أقرانه من القرية الإقطاعية حياتهم البسيطة يجتمعون في المناسبات وأيام الأعياد والآحاد في ساحة القرية أو الكنيسة وعلينا أن نعرف أن القن كان أميا لا يعرف شيئا سوى فلاحة الأرض، لذلك سيطرت الخرافات على عقله ولكنه كان مقتنعا بالموت إذ كان مهددا دوما بالحريق أو القحط أو الحيوانات المفترسة مثلما حدث في فرنسا بين عامي 970-110م من القحط الذي أهلك الحرث والنسل وكما حدث في إنجلترا في الفترة بين 1086-1125م حتى اضطر الأهالي إلى أكل لحوم الخيول ولذلك كان هذا الفلاح أو القن جلفا عنيفا شرها قاسيا.
التسميات
الإقطاع في أوربا