الْمَواضِعُ التي تَجوزُ فيها "إِنَّ وأَنَّ":
يجوزُ الامرانِ، كسر همزة "إنَّ" وفتحُها، حيثُ يَصح الإعتبارانِ: تأويلُ ما بعدها بمصدرٍ، وعدمُ تأويلهِ. وذلك في أربعة مواضع:
1- بعد "اذا" الفُجائيّةِ، نحو: "خرجتُ فاذا إنَّ سعيداً واقفٌ".
(فالكسر هو الاصل، وهو على معنى "فاذا سعيد واقف" والفتح على تأويل ما بعدها بمصدر مبتدأ محذوف الخبر، والتأويل "فاذا وقوفه حاصل").
وقد رُوي بالوجهينِ قولُ الشاعر:
وكُنْتُ أَرَى زَيْداً، كما قيلَ، سَيِّداً -- إِذَا أَنَّهُ عَبْدُ الْقَفا واللَّهازِمِ
(فالكسر على معنى: "فاذا هو عبد القفا". والفتح على معنى "فاذا عبوديته حاصلة".
2- ان تقعَ بعدَ فاءِ الجزاءِ، نحو: "ان تجتهدْ فانكَ تُكرَمُ".
وقد قُرِيءَ بالوجهين قولهُ تعالى: {مَنْ يُحادِدِ اللهَ ورسولَهُ فانَّ لهُ نارَ جهنمَ}.
وقولهُ: {مَن عملَ منكم سُوءًا بِجهالةٍ، ثمَّ نابَ من بعدهِ واصلحَ، فانهُ غفورٌ رَحيمٌ}.
(فالكسر على جعلها جملة الجواب. والفتح على ان ما بعدها مؤول بمصدر مرفوع مبتدأ محذوف الخبر.
والتقدير في المثال: "ان تجتهد فاكرامك حاصل".
والتقدير في الآية الاولى "فكون نار جهنم له او ثابت أو حاصل" والتقدير في الآية الاخرى: {فمغفرة الله حاصلة له}.
وتكون جملة المبتدأ المؤول وخبره المحذوف جواب الشرط).
3- ان تقعَ مع ما بعدها في موضعِ التَّعليلِ، نحو: اكرِمْهُ، انّهُ مُستحِقٌّ الإكرامِ"، وقد قُريءَ بالوجهينِ قولهُ تعالى: {صَلِّ عليهم، إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لهم}.
(فالكسر على انها جملة تعليلية. والفتح على تقدير لام التعليل الجارة اي: لانه ولان صلاتك. والتأويل في المثال: "أكرمه لاستحقاقه الإكرام"، وفي الآية: "صل عليهم لتسكين صلاتك إياهم"، والسكن (بالتحريك) ما يسكن اليه، ويفسر ايضاً بالرحمة والبركة).
4- ان تقعَ بعدَ "لا جَرَمَ" نحو: "لا جَرَمَ انكَ على حَقٍّ". والفتح هو الكثير الغالبُ.
قال تعالى: {لا جَرَمَ أنَّ اللهَ يَعلَمُ ما يُسِرُّونَ}. (ووجه الفتح أن تجعل ما بعد "أن" مؤولاً بمصدر مرفوع فاعل لجرمَ. وجرم: معناه حقَّ وثبتَ. وأصل الجرم القطع، وعلمُ الله بالاشياء مقطوعٌ به لانه حق ثابت.
و "لا" حرف نفي للجواب، يرد به كلام سابق. فكأنه قال: "لا"، اي: ليس الامر كما زعموا، ثم قال: (جرم أن الله يعلم) أي: (حق وثبت علمه). وقال الفراء: لا جرم بمعنى (لا بد)، لكن كثر في الكلام، فصار بمنزلة اليمين، لذلك فسرها المفسرون: حقاً: وأصله من جرمت: بمعنى كسبتُ. فتكون (لا) على رأيه نافية للجنس. و (جرم) اسمها مبني على الفتح، وما بعد (أن) مؤول بمصدر على تقدير(من)، أي: لا جرم من ان الله يعلم، اي: لا بد من علمه.
ووجه الكسر: ان من العرب من يجعل (لا جرم) بمنزلة القسم واليمين، نحو: (لا جرم لآتينك، ولا جرم لقد أحسنت). فمن جعلها يميناً كسر همزة (ان) بعدها نحو: (لا جرم إنك على حق)، وجعل جملة (ان) المكسورة واسمها وخبرها. جواب القسم. وعلى من جعلها يميناً فاعرابها كاعراب (لا بد) وقد أغنى جواب القسم عن خبرها.
وقد علمت انه حيث جاز فتح (أن) وكسرها، فالكسر أولى وأكثر، لأنه الأصل، ولأنه لا تكلف فيه، إلا اذا وقعت بعد (لا جرم) فالفتح هو الغالب الكثير، وان نزّلتها منزلة اليمين، لأنها في الاصل فعل).
التسميات
نحو عربي