ما هي أحكام التوكيد اللفظي والتوكيد المعنوي؟

تعريف التوكيد:

التَّوكيدُ (أو التأكيدُ): تكريرٌ يُرادُ به تثبيتُ أمرِ المُكرَّر في نفس السامعِ، نحو: "جاءَ عليٌّ نفسُهُ"، ونحو: "جاءَ عليٌّ عليٌّ".

1- التَّوْكيدُ اللَّفْظيُّ:

التّوكيدُ قسمانِ: لفظيٌّ ومعنويٌّ. 
فاللفظي: يكونُ بإعادةِ المُؤكّدِ بلفظهِ أو بمرادفه، سواءٌ أكان اسماً ظاهراً، أم ضميراً، أم فعلاً، أم حرفاً، أم جملةً. فالظاهرُ نحو: "جاءَ عليٌّ عليٌّ".
والضمير نحو: "جئتَ أنتَ. وقُمنا نحنُ". ومنه قوله تعالى: {يا آدمُ اسكُنْ أنتَ وزَوجُكَ الجنّةَ} والفعلُ نحو: "جاءَ جاءَ عليٌّ". والحرفُ نحو: "لا، لا أبوحُ بالسرّ.

والجملةُ نحو: "جاءَ عليٌّ، جاءَ عليٌّ، وعليٌّ مجتهدٌ، عليّلإ مجتهدٌ". والمرادفُ نحو: "أتى جاءَ عليٌّ".
وفائدةُ التوكيدِ اللفظيِّ تقريرُ المؤكدِ في نفسِ السامعِ وتمكينُهُ في قلبِهِ، وإزالةُ ما في نفسهِ من الشُّبهة فيه.

فإنك ان قلت: "جاءَ علي"، فان اعتقدَ المخاطب أن الجائي هو لا غيره ادميت بذلك وأن أنكرَ، أو ظهرت عليه دلائل الانكار، كرّرت لفظ "علي" دفعاً لإنكاره، أو ازالة للشبهة التي عرضت له. وان قلت: "جاءَ علي، جاء علي"، فانما تقول ذلك اذا أنكر السامع مجيئه، أو لاحت عليه شبهةٌ فيه، فتثبت ذلك في قلبه وتُميط عنه الشبهة.

2- التَّوْكيدُ الْمَعنَوِيُّ:

التّوكيدُ المعنوي: يكونُ بذكرِ "النّفسِ أو العينِ أو جميع أو عامّةٍ أو كلاَ أو كلتا، على شرطِ أن تُضاف هذه المؤكّداتُ إلى ضميرٍ يُناسِبُ المؤكّدَ، نحو: "جاءَ الرجلُ عينُه، والرجلانِ أنفُسهُما. رأيتُ القومَ كلّهم. أحسنتُ إلى فُقراءِ القريةِ عامَّتِهم. جاءَ الرجلانِ كلاهما، والمرأتانِ كلتاهما".
وفائدةُ التوكيدِ بالنفس والعينِ رفعُ احتمالِ أن يكون في الكلام مجازٌ أو سهوٌ أو نسيانٌ.

(فان قلت: "جاء الأميرُ" فربما يتوهم السامع أن اسناد المجيء إليه، هو على سبيل التجوّز أو النسيان أو السهو، فتؤكده بذكر النفس أو العين، رفعاً لهذا الاحتمال، فيعتقد السامع حينئذ أن الجائي هو لا جيشه ولا خدمه ولا حاشيته ولا شيء من الأشياء المتعلقة به).

فائدة التوكيد بكل وجميعٍ وعامة:

وفائدةُ التوكيد بكلٍّ وجميعٍ وعامَّةٍ الدلالةُ على الإحاطة والشُّمول.
(فاذا قلت: "جاء القوم"، فربما يتوهم السامع أن بعضهم قد جاء، والبعض الآخر قد تخلّف عن المجيء. فتقول: "جاء القوم كلهم"، دفعاً لهذا التوهم. لذلك لا يقال: "جاء علي كله"، لأنه لا يتجزأ. فاذا قلت: "اشتريت الفر كله" صح، لأنه يتجزأ من حيث المبيع).

فائدة التوكيد بكِلا وكِلتا:

وفائدةُ التوكيد بكِلا وكِلتا اثباتُ الحُكم للاثنين المُؤكّدينِ معاً.
(فاذا قلت: "جاء الرجلان"، وأنكر السامع أن الحكم ثابت للاثنين معاً، أو توهم ذلك، فتقول: "جاء الرجلان كلاهما"، دفعاً لإنكاره، أو دفعاً لتوهمه أن الجائي أحدهما لا كلاهما. لذلك يمتنع أن يقال: "اختصم الرجلان كلاهما، وتعاهد سليم وخالد كلاهما"، بل يجب أن تحذف كلمة "كلاهما"، لأن فعل المخاصمة والمعاهدة لا يقع إلا من اثنين فأكثر، فلا حاجة الى توكيد ذلك، لأنّ السامع لا يعتقد ولا يتوهم أنه حاصل من أحدهما دون الآخر).

3- فائدة:

1- إذا أُريدَ تقوية التوكيدِ:

يُؤتى بعدَ كلمة "كله" بكلمة "أجمع"، وبعدَ كلمةِ "كلها" بكلمة "جمعاء"، وبعدَ كلمة "كلهم" بكلمة "أجمعينَ"، وبعدَ كلمة "كلهنَّ" بكلمة "جُمَع"، تقولُ: "جاءَ الصفُّ كلُّهُ أجمعُ" و "جاءَت القبيلةُ كلُّها جمعاءُ"، قال تعالى: {فسجدَ الملائكةُ كلُّهُم أجمعونَ} وتقولُ: "جاءَ النساءُ كلُّهنَّ جُمَعُ".
وقد يُؤكدُ بأجمعَ وجمعاءَ وأجمعينَ وجُمَعَ، وإن لم يَتقدَّمهنَّ لفظ "كلّ" ومنه قوله تعالى: {لأغوينَّهُم أجمعينَ}.

2- لا يجوزُ تثنيةُ "أجمع وجمعاءَ":

استغناءً عن ذلك بِلَفظيْ "كِلا وكلتا" فيقالُ: "جاءا جمعانِ" ولا "جاءَتا جمعاوانِ" كما استَغنوا بتثنيةِ "سِيٍّ" عن تثنية "سواءٍ"، فقالوا: "زيدٌ وعمرٌو سِيّانِ في الفضيلة"، ولم يقولوا: "سواءَانِ".

3- لا يجوزُ توكيدُ النكرة:

إلا إذا كان توكيدُها مفيداً، بحيثُ تكونَ النكرةُ المؤكَّدةَ محدودةً، والتوكيدُ من ألفاظ الإحاطة والشُّمول نحو: "اعتكفتُ أُسبوعاً كلَّهُ".
ولا يقالُ: "صُمتُ دهراًَ كلَّهُ"، ولا "سِرتُ شهراً نفسَهُ"، لأنّ الأول مُبهَمٌ، والثاني مؤكدٌ بما لا يفيدُ الشُّمولَ.

4- إذا أُريدَ توكيدُ الضميرِ المرفوعِ:

المُتَّصلِ أو المستتر، بالنفس أو العين؛ وجبَ توكيدُهُ أوَّلاً بالضميرِ المنفصلِ، نحو: "جئتُ أنا نفسي. ذهبوا هم أنفسُهم. عليٌّ سافرَ نفسُهُ".
أما إن كان الضميرُ منصوباً أو مجروراً، فلا يجبُ فيه ذلكَ، نحو: "أكرمتُهم أنفسَهم، ومررتُ بهم أَنفسِهم". "وكذا إن كان التوكيدُ غيرَ النّفس والعين"، نحو: "قاموا كلُّهم. وسافرنا كلُّنا".

5- الضميرُ المرفوعُ المنفصلُ:

يُؤكد به كل ضميرٍ مُتّصل، مرفوعاً كان، نحو: "قمتَ أنت"، أَو منصوباً، نحو: "أَكرمتكَ أَنتَ"، أَو مجروراً، نحو: "مررتُ بكَ أنتَ".
ويكون في محلِّ رفع، إن أُكِّدَ به الضميرُ المرفوعُ، وفي محلِّ نصبٍ، إن أُكِّدَ به الضميرُ المنصوب، وفي محلِّ جرٍّ، إن أُكِّدَ به الضميرُ المجرورُ.

6- يُؤكدُ المُظهَرُ بمثلهِ، لا بالضمير:

فيقال: "جاءَ عليٌّ نفسُهُ".
ولا يُقالُ: "جاءَ عليُّ هوُ". والمُضمَرُ يُؤكدُ بمثله وبالمُظهَر أيضاً.
فالأوَّلُ نحو: "جئتَ أنتَ نَفسُكَ"، والثاني نحو: "أحسنتُ إليهم أنفسِهم".

7- إن كان المؤكَّدُ بالنَّفسِ أو العين مجموعاً جمعتَهما:

فتقولُ: "جاءَ التلاميذُ أَنفسُهم، أَو أَعينُهم".
وإن كان مثنًّى فالأحسنُ أن تجمعهما، نحو: "جاءَ الرجلانِ أَنفسُهما، أَو أَعينهما".
وقد يجوزُ أَن يُثنيَّا تَبعاً لِلَفظِ المؤكدِ، فتقولُ: "جاءَ الرَّجلانِ نَفساهما أو عيناهما" وهذا أُسلوبٌ ضعيفٌ في العربيّة.

8- يجوزُ أَن تُجرَّ "النفسُ" أَو "العينُ" بالباءِ الزائدةِ:

نحو: "جاءَ عليٌّ بنفسهِ".
والأصلُ: "جاءَ عليٌّ نفسُهُ"، فتكونُ "النفس" مجرورة لفظاً بالباءِ الزائدة، مرفوعةً محلاً، لأنها توكيد للمرفوع، وهو "عليٌّ".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال