أحكام النعت المفرد والنعت الجملة والنعت شبه الجملة

أقسام النعت:

ينقسم النّعتُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: مُفرَدٍ وجملةٍ وشِبهِ جُملة.

1- النعت المفردُ:

ما كانَ غيرَ جملةٍ ولا شِبهَها، وإن كان مُثنًى أو جمعاً، نحو: "جاءَ الرجلُ العاقلُ، والرجلان العاقلانِ، والرجالُ العُقلاءُ".

2- النّعتُ الجملةُ:

أن تقعَ الجملةُ الفعليّةُ أو الاسميّة منعوتاً بها، نحو: "جاءَ رجلٌ يَحملُ كتاباً" و "جاءَ رجلٌ أبوهُ كريمٌ".
ولا تقعُ الجملةُ نعتاً للمعرفة، وإنما تقعُ نعتاً للنكرةِ كما رأيتَ.
فإن وقعت بعد المعرفة كانت في موضع الحال منها، نحو: "جاءَ عليٌّ يحملُ كتاباً".
إلاّ إذا وقعت بعد المعرَّفِ بأل الجنسيّةِ، فيصح أن تُجعَلَ نعتاً له، باعتبار المعنى، لأنهُ في المعنى نكرةٌ، وأن تُجعل حالاً منهُ، باعتبار اللفظ، لأنهُ مُعرَّفٌ لفظاً بألْ، نحو: "لا تُخالطِ الرجلَ يَعملُ عملَ السُّفهاءِ"، ومنه قولُ الشاعر:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني + فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ: لا يَعنيني

وقولِ الآخر:
وَإني لَتَعروني لِذِكْراكِ هَزَّةٌ + كمَا انْتَفَضَ العُصفورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
فليس القصد رجلاً مخصوصاً، ولا لئيماً مخصوصاً، ولا عصفوراً، مخصوصاً، لأنك ان قلت: "لا تخالط رجلاً يعمل عمل السفهاء. لقد أمرّ على لئيم يسبني. كما انتفض عصفورٌ بلله القطر" صح.

ومثلُ المعرَّفِ بألِ الجنسيّةِ ما أُضيفَ إلى المُعرَّف بِها، كقولِ الشاعر:
وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلاَمِ مُنيرَةً + كَجُمانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظامُها
أي: كجُمانة بحرِيٍّ سُل نظامها.

شروط الجملةِ النعتيّة:

وشرطُ الجملةِ النعتيّة (كالجملة الحاليّة والجملة الواقعةِ خبراً) أن تكونَ جملةً خبريَّةً (أي: غيرَ طلبيّة)، وان تشتملَ على ضمير يَربِطُها بالمنعوت، سواءُ أكان الضميرُ مذكوراً نحو: "جاءَني رجلٌ يَحملُهُ غلامُهُ"، أم مستتراً، نحو: "جاءَ رجلٌ يحملُ عَصاً، أو مُقدَّراً، كقولهِ تعالى: {واتَّقوا يوماً لا تُجزَى نفسٌ عن نفسٍ شيئاً}، والتقديرُ: "لا تُجزَى فيه".

ولا يقال: "جاءَ رجل أكرمهُ" على أن جملة "أكرمْه" نعت لرجل. ولا يقال: "جاء رجلٌ هل رأيت مثله، أو ليته كريم" لأن الجملة هنا طلبية. وما ورد من ذلك فهو على حذف النعت؛ كقوله: "جاءوا بمذقٍ هل رأيت الذئب قط".
والتقدير: "جاءوا بمذقٍ مقولٍ فيه: هل رأيت الذئب". والمذق بفتح الميم وسكون الذال: اللبن المخلوط بالماء فيشابه لونُه لونَ الذئب.

3- النعتُ الشبيهُ بالجملة:

أن يقعَ الظرفُ أو الجارُّ والمجرورُ في موضع النعت، كما يَقَعانِ في موضع الخبر والحال، على ما تَقدَّمَ، نحو: "في الدار رجلٌ أمامَ الكُرسيّ"، "ورأيتُ رجلاً على حصانهِ".
والنعتُ في الحقيقة إنما هو مُتعلِّقُ الظرفِ أو حرفِ الجرّ المحذوفُ.
والأصل: في الدار رجل كائن، أو موجود، أمام الكرسي. رأيت رجلاً كائناً، أو موجوداً، على حصانه.
واعلم أنه إذا نُعتَ بمفردٍ وظرفٍ ومجرور وجملةٍ، فالغالب تَأخيرُ الجملة، كقولهِ تعالى: "وقالَ رجلٌ من آلِ فرعون يَكتُمُ إيمانَهُ" وقد تُقدَّمُ الجملة، كقولهِ سبحانهُ: "فسوفَ يأتي اللهُ بقومٍ يُحبّهم ويُحبُّونهُ، أذلَّةٍ على المؤمنينَ، أعزَّةٍ على الكافرين".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال