للمفعول به أربعةُ أحكام:
1- أنهُ يجبْ نصبُهُ.
2- أنه يجوزُ حذفُهُ لدليلٍ، نحو: "رَعَتِ الماشيةُ"، ويقالُ: "هل رأيتَ خليلاً؟"، فتقولُ: "رأيتُ"، قال تعالى: {ما وَدَّعَكَ ربُّكَ وما قَلى}، وقال: {ما أنزلنا عليكَ القُرآن لتشقى، إلا تذكرةً لِمنْ يخشى}.
وقد يُنَزَّلُ المتعدِّي منزلة اللازمِ لعَدَم تعلُّقِ غرضٍ بالمفعول بهِ، فلا يُذكرُ له مفعولٌ ولا يُقدَّرُ، كقوله تعالى: {هل يَستوي الذينَ يعلمونَ والذينَ لا يعلمونَ}.
وما نصبَ مفعولين من أفعال القلوب، جازَ فيه حذفُ مفعوليه معاً، وحذفُ أحدهما لدليلٍ. فمن حذفِ أحدهما قولُ عَنترةَ.
وَلَقدْ نزَلْتِ، فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ -- مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ
أي: فلا تَظُني غيرَهُ واقعاً. ومن حذفهما معاً قولهُ تعالى: {أين شُرَكائيَ الذين كنتم تَزعمونَ؟} أي تزعمونهم شُرَكائي، ومن ذلك قولهم: "مَنْ يَسمَعْ يَخَلْ"، أي: يَخَلْ ما يَسمعُهُ حقاً.
وقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب مزيد إيضاح لهذا البحث في الكلام على أفعال القلوب، فارجع إليه.
3- أنه يجوزُ أن يُحذَفَ فعلُهُ لدليل، كقوله تعالى: {ماذا أنزلَ ربُّكم؟ قالوا خيراً}، أي: أنزلَ خيراً، ويقال لك: "مَنْ أُكرِمُ؟، فتقول: "العلماءَ"، أي: أكرمِ العلماءَ.
ويجبُ حذفهُ في الأمثال ونحوها مِما اشتهرَ بحذف الفعل، نحو: "الكلابَ على البَقَرِ"، أي: أرسلِ الكلابَ، ونحو: أمرَ مُبكياتِكَ، لا أمرَ مضحِكاتكَ"، أي: الزَمْ واقبَلْ، ونحو: "كلَّ شيءٍ ولا شَتيمةَ حُرّ"، أي: ائتِ كلَّ شيءٍ، ولا تتي شتيمة حُرٍّ، ونحو: "أهلاً وسهلاً"، أي: جئتَ أهلا ونزلتَ سهلا.
ومن ذلكَ حذفهُ في أَبواب التحذير والإغراءِ والاختصاص والاشتغال والنَّعتِ المقطوع. وسيأتي بيانُ ذلك في مواضعه.
4- أن الأصلَ فيه أن يتأخرَ عن الفعلِ والفاعلِ. وقد يتقدَّمُ على الفاعلِ، أو على الفعل والفاعل معاً.
التسميات
نحو عربي