الصفة الممنوعة من الصرف.. وزن أفعَلَ. وزنِ فَعلانَ. صفة معدولة

حالات امتناع الصفة عن الصرف:

تمتنعُ الصفةُ من الصّرف في ثلاثة مواضعَ:

(1) أن تكون صفةً أصليةً على وزن "أفعَلَ":

كأحمرَ وأفضل.
ويشترطُ فيها ألاّ تُؤنثَ بالتاءِ، فإن أُنِّثت بها لم تمنع كأرملٍ، فإن مؤنثه أرملةٌ. والأرملُ الفقير.

إذا كانت الوصفية عارضة:

فإن كانت الوصفية عارضة لاسم على وزن "أفعل" لم تمنع من الصرف. وذلك كأربع وأرنب في قولك: "مررت بنساء أربع ورجل أرنب". فأربع في الأصل اسم للعدد، ثم وصف به، فكأنك قلت: بنساء معدودات بأربع. وأرنب للحيوان المعروف. ثم أريد به معنى الجبان والذليل، فالوصف بهما عارض، ومن ثم لم يؤثر في منعهما من الصرف.

إذا كانت الاسمية عارضة للصفة:

وإن كانت الاسمية عارضة للصفة لم يضر عروضها، فتبقى ممنوعة من الصرف - كما لم يضر عروض الوصفية للاسم، فيبقى منصرفاً. وذلك كأدهم - للقيد - وأسود - للحية - وأرقم للحية المنقطة - وأبطح - للمسيل فيه دقيق الحصى واجرع - للرملة المستوية لا تنبت شيئاً. فهي ممنوعة من الصرف، وإن استعملت استعمال الأسماء، لأنها صفات، فلم يلتفتوا إلى ما طرأ عليها من الاسمية، كما لم يلتفتوا إلى ما طرأ عليها على ما سبق من الوصفية وبعضهم يعتد باسميتها الحاضرة فيصرفها وأما "أجدل" - الصقر - و "أخيل" - لطائر ذي خيلان - و "أفعى" للحية، فهي منصرفة في لغة الأكثر. لأنها أسماء في الأصل والحال. وبعضهم يمنعها من الصرف لامحاً فيها معنى الصفة. وهي القوة في أجدل: والتلون في أخيل، والإيذاء في أفعى. وعليه قول الشاعر:
كأن العُقيليين، حين لقيتهم، + فراخ القطا لاقين أجدل بازيا
وقول الآخر:
ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي + فما طائري يوماً علي بأخيلا

(2) أن تكونَ صفةً على وزنِ "فَعلانَ":

كعَطشانَ وسكرانَ ويشترط في منعها أن لا تُؤنثَ بالتاءِ. فإن أُنثتْ بها لم تمتنع: كسَيْفانٍ - وهو الطويلُ - ومَصّانِ - وهو اللئيمُ - ونَدمان - وهو النديمُ لأنَّ مؤنثها سيفانةٌ ومَصّانةٌ وندمانةٌ.

الصفات على وزن (فعلان) مؤنثه (فعلانة):

وقد أَحصَوْا ما جاءَ على وزن "فَعلان"، مما يؤنث على "فَعلانة"، فكان ثلاثَ عشْرة صفة، وهي: "ندمانٌ"، النَّديم، و "حَبْلانٌ"، للعظيم البطن و "دَخنانٌ"، لليوم المُظلم، و "سَيفانٌ" للطويل، و "صوْجانٌ" لليابس الظهر من الدوابِّ والناس، و "صَيحانٌ" لليوم الذي لا غيْمَ فيه، "وسخْنانٌ"، لليوم الحارّ، و "مَوتانٌ" للضعيف الفؤاد البليد، و "عَلاّنٌ"، للكثير النسيان، و "فشْوانٌ"، للدقيق الضعيف، و "نصرانٌ"، لواحد النصارى، و "مَصّانٌ"، للئيم، و "اليانٌ"، لكبير الآلية. فهذه كلُّها منصرفةٌ، لأنها تُؤنثُ بالتاءِ, وما عداها فممنوعٌ، لأنَّ مُؤنثه على وزن "فَعْلى" كغضبانَ وغَضبى، وعطشانَ وعطشى، وسكرانَ وسكرى، وجَوْعان وجَوْعى. وأما نحو: "أروَنانٍ" - وهو الصعب من الأيام - فمنصرف لأمرين: الأوَّلُ لأنه ليس على وزن "فَعْلان"، والثاني لأنه يؤنث بالتاءِ، فيقالث: "يومٌ أرونانٌ، وليلةٌ أرونانة"، أي صعبة شديدة.

(3) أن تكون صفةً معدولةً، وذلك بأن تكون الصفةُ معدولة عن وزن آخر. ويكونُ العدلُ مع الوصفِ في موضعين:


- الأولُ: الأعدادُ على وزن "فُعال أو مَفْعَل":

"كأحادُ ومَوْحَدَ، وثُناءً ومَثنى، وثُلاثَ ومَثلَثَ، وربُاعَ ومَربَعَ.
(وهي معدولة عن واحد واحد واثنين اثنين الخ، فإذا قلت: "جاء القوم مثنى"، فالمعنى انهم جاءوا اثنين اثنين.
وقد قالوا: ان العدل في الأعداد مسموع عن العرب إلى الأربعة. غير أن النحويين قاسوا ذلك إلى العشرة، والحق انه مسموع في الواحد والعشرة وما بينهما). 

- الثاني: أُخَرُ:

في نحو قولك: "مررتُ بنساءٍ أُخَرَ" قال تعالى: {فَعِدةٌ من ايام أُخَرَ}. وهي جمع أُخرى، مُؤنَّث آخر. وآخر (بفتح الخاءِ) اسمُ تفضيلٍ على وزنِ "أفعَل": بمعنى مغاير. وكان القياسُ أَن يُقالَ: "مررتُ بنساءٍ آخَرَ" كما يقالُ: "مررتُ بنساءٍ أفضَلَ" - بإفرادِ الصفة وتذكيرها - لا "بنساءٍ أُخرَ"، كما لا يقالُ: "بنساءٍ فُضَل"، لأنَّ أفعلَ التفضيلِ، إن كان مُجرَّداً من "ألْ" والإضافة لا يُؤنثُ ولا يُثنَّى ولا يجمَعُ.

وقد علمت في مبحث اسم التفضيل، في الجزء الأول، انه إن كان مجرداً من "أل" والإضافة وجب استعماله مفرداً مذكراً، وإن كان موصوفه مثنى أو مجموعاً أو مؤنثاً، سواء أريد به معنى التفضيل أولا. كما هي الحال هنا. تقول: أخلاقك أطيب، وآدابك أرفع، وشمائلك أحلى" أما آخر فعدلوا به عن هذا الاستعمال، فقد استعملوه موافقاً للموصوف. فقالوا: "آخر وآخران وآخرون، وأخرى وأخريان وأخر". على خلاف القياس، وكان القياس أَن يقال آخر للجميع. فالعدل به عن القياس إحدى العلتين في منعه من الصرف. وإنما اختصت "أُخر" في جعل عدلها مانعاً من الصرف. لأن آخر ممنوع منه لوزن الفعل. وأخرى لألف التأنيث. وآخران وأُخريان وآخرون معربة بالحرف.
واعلم انه لم يسمع شيء من الصفات التي جاءت على وزن "فعل" ممنوعاً من الصرف إلا "أُخر" فقدروا فيها العدل. ليكون على أخرى مع الوصفية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال