ما هي أحكام الأَسماء التي تلازم الإضافة؟
الأَسماءِ المُلاَزِمةُ للإِضافة:
من الأسماءِ ما تمتنعُ إضافتُه، كالضمائرِ وأسماءِ الإشارةِ والأسماءِ الموصولةِ وأسماءِ الشرط وأسماءِ الاستفهام، إلاّ "أيّاً"، فهي تُضافُ.
ومنها ما هو صالحُ للاضافة والإفراد (أي: عدمِ الإضافة)، كغلامٍ وكتابٍ وحصانٍ ونحوهما.
ومنها ما هو واجبُ الإضافة فلا ينفكُّ عنها.
وما يُلازِمُ الإضافة على نوعين: نوعٍ يلازِمُ الإضافةَ إلى المفرد. ونوعٍ يُلازمُ الإضافةً إلى الجملة.
المُلازِمُ الإِضافةِ إلى المُفْرَد:
إنَّ ما يُلازمُ الإضافةَ إلى المفرد نوعان: نوعٌ لا يجوزُ قطعُه عن الإضافة، ونوعٌ لا يجوزُ قطعهُ عنها لفظاً لا معنًى، أي يكونُ المضافُ إليه مَنوِياً في الذِّهن.
فما يلازمُ الإضافةَ إلى المفردِ، غيرَ مقطوعٍ عنها، هو: "عِند وَلدَى وَلدُن وبين ووَسط (وهي ظروف) وشِبْهٌ وقابٌ وكِلاَ وكِلتا وسوَى وذُو وذاتٌ وذَوَا وذَوَاتا وذَوُو وذواتِ وأُولُو وأَولات وقُصارَى وسُبحان ومَعاذ وسائر ووَحْد ولبَّيْك وسَعدَيكَ وحَنانَيكَ ودَواليكَ" (وهي غيرُ ظروف).
وأمّا ما يُلازم الإضافةَ إلى المفرد، تارةً لفظاً وتارةً معنًى، فهو: "أوَّل ودون وفَوق وتحت ويمين وشِمال وأمام وقُدَّام وخَلف وورَاء وتِلقاء وتجاه وإزاء وحِذاء وقبل وبعد ومَع (وهي ظروف) وكلٌّ وبعضٌ وغير وجميعٌ وحَسْبٌ وأيُّ" (وهي غيرُ ظروف).
أحكام ما يلازم الاضافة إلى المفرد:
1- ما يُلازمُ الاضافةَ إلى المفرد لفظاً:
منه ما يضافُ إلى الظاهر والضميرِ، وهوَ: "كِلاَ وكِلتا ولَدى وَلدُنْ وعند وسوى وبين وقُصارَى ووسَط ومِثل وذَوُو ومَع وسُبحان وسائر وشِبه".
ومنه ما لا يُضافُ إلا إلى الظاهر، وهو: "أُولو وأُولات وذُو وذات وذَوَا وذَوَاتا وقاب ومَعاذ".
ومنه ما لا يضافُ إلا إلى الضميرِ، وهو: "وَحْد"، ويضافُ إلى كلِّ مَضمَرٍ فتقولُ: "وحدَهُ ووحدَكَ ووحدَها ووحدَهما ووحدَكم" الخ، و "لبَّيكَ وسَعدَيكَ وحنانيكَ ودَواليكَ" ولا تُضاف إلا إلى ضمير الخطاب، فتقول: "لبَيَّكَ ولَبيّكما وَسعدَيكمُ" الخ.
(وهي مصادر مثناة لفظاً، ومعناها التكرار، فمعنى "لبيك": اجابة لك بعد اجابة. ومعنى "سعديك": اسعاداً لك بعد اسعاد. وهي لا تُستعمل الا بعد "لبيك". ومعنى "حنانيك": تحنّناً عليك بعد تحنن. ومعنى "دواليك": تداولاً بعد تداول. وهذه المصادر منصوبة على أنها مفعول مطلق لفعل محذوف، اذ التقدير: "ألبيك تلبيةً بعد تلبيةٍ. وأسعدك إسعاداً بعد اسعاد" الخ. وعلامة نصبها الياء لأنها تثنية).
2- كِلا وكلتا:
إن أُضيفتا إلى الضمير أُعربتا إعرابَ المُثنّى، بالألف رفعاً، وبالياءِ نصباً وجراً، نحو: "جاءَ الرجلانِ كلاهما. رأيتُ الرجلين كليهما. مررتُ بالرجلين كليهما". وإن أُضيفتا إلى اسمٍ غيرِ ضمير أُعربتا إِعرابَ الاسم المقصور، بحركاتٍ مُقدَّرةٍ على الألف للتعذُّر، رفعاً ونصباً وجراً. نحو: "جاءَ كِلا الرجلين. رأيتُ كلا الرجلين. مررتُ بكلا الرجلين".
وحُكمُهُما أنهما يَصحُّ الإخبارُ عنهما بصفةٍ تحملُ ضميرَ المفرد، باعتبار اللفظِ، وضميرَ المثنّى، باعتبار المعنى، فتقول: "كِلا الرجلين عالم" و "كلا الرجلين عالمان". ومراعاةُ اللفظ أكثر.
وهما لا تُضافان إلا إلى المعرفة، وإلى كلمةٍ واحدة تدُلُّ على اثنين، فلا يُقال: "كِلا رجلينِ"، لأن "رجلين" نكرة، ولا "كِلا عليٍّ وخالدٍ"، لأنها مضافةٌ إلى المفرد.
3- أيُّ:
على خمسة أنواعٍ: موصوليّةٍ ووصفيّةٍ وحاليّةٍ واستفهاميّةٍ وشرطيّة.
- فإن كانت اسماً موصولاً فلا تُضاف إلا إلى معرفةٍ، كقولهِ تعالى: {ثُمَّ لَنَنزِعنَّ من كلِّ شيعةٍ أيُّهم أشدُّ على الرَّحمنِ عِتِياً}.
- وإن كانت منعوتاً بها، او واقعةً حالاً، فلا تُضافُ إلا إلى النكرةِ، نحو: "رأيتُ تلميذاً أيَّ تلميذٍ"، ونحو: "سرَّني سليمٌ أيَّ مجتهدٍ".
- وإن كانت استفهاميّةً، أو شرطيّةً، فهي تُضافُ إلى النكرة والمعرفة، فتقولُ في الاستفهاميّة: "أي رجلٍ جاءَ؟ وأيُّكم جاءَ؟"، وتقولُ في الشرطيّة: "ايُّ تلميذٍ يجتهدْ أكرمْهُ. وأيكم يجتهدْ أُعطهِ".
وقد تُقطَعُ "أيُّ"، الموصوليّةُ والاستفهاميّة والشرطيّةُ، عن الاضافة لفظاً، ويكونُ المضافُ إليه مَنوياً، فالشرطيّةُ كقولهِ تعالى: {أيّاً ما تَدعُوا فلَهُ الأسماءُ الحُسنى}. والتقديرُ: "أيَّ اسمٍ تدعو"، والاستفهاميّةُ نحو: "أيٌّ جاءَ؟ وأيّاً أكرمتَ؟"، والموصوليّةُ نحو: "أيٌّ هوَ مجتهدٌ يفوزُ. وأكرمْ ايّاً هو مجتهدٌ".
أما "أيُّ" الوصفيّةُ والحاليّةُ فملازمةٌ للاضافة لفظاً ومعنًى.
4- مَعَ وَقبل وبَعد وأوَّل ودون والجهاتُ الستُّ وغيرُها من الظُّروف:
قد سبقَ الكلامُ عليها مُفصلاً في مبحث الأسماءِ المبنية، وفي مبحث أحكام الظروف المبنيةِ، في باب المفعول فيه. فراجع ذلك.
5- غير:
اسمٌ دال على مخالفةِ ما بعدَه لحقيقةِ ما قبلَهُ. وهو ملازمٌ للإضافةِ.
وإذا وقعَ بعدَ "ليس" أو "لا" جازَ بقاؤه مضافاً، نحو: "قبضتُ عشرة ليس غيرها، أو لا غيرها": وجازَ قطعهُه عن الاضافة لفظاً وبناؤه على الضمَّ، على شرط أن يُعلَمَ المضاف إليهِ، فتقول: "ليس غيرُ أو لا غيرُ".
6- حَسب:
بمعنى "كافٍ". ويكون مضافاً، فيعرَبُ بالرفع والنصب والجر. وهو لا يكون إلا مبتدأ، مثل: "حسبُكَ اللهُ"، أو خبراً نحو: "اللهَ حَسبي"، أو حالاً نحو: "هذا عبدُ اللهِ حسبَكَ من رجلٍ"، أو نعتاً نحو: "مررتُ برجلٍ حَسبِكَ من رجلٍ. رأيتُ رجلاً حَسبَكَ من رجلٍ. هذا رجلٌ حَسبُكَ من رجل".
ويكونُ مقطوعاً عن الإضافة، فيكون بمنزلةِ "لا غيرُ" فيُبنى على الضمِّ، ويكونُ إعرابهُ محليّاً، نحو: "رأيتُ رجلاً حسبُ. رأيت علياً حسبُ. هذا حسبُ". فحسبُ، في المثالِ الأول، منصوبٌ محلاً، لأنه نعتٌ لرجلاً، وفي المثال الثاني منصوبٌ محلاً، لأنه حالٌ من "عليّ" وفي المثالث الثالث مرفوعٌ محلاً لأنه خبر المبتدأ.
وقد تَدخلُه الفاءُ الزائدةُ تزييناً لِلَّفظِ، نحو: "أخذت عشرةً فحسبُ".
7- كلٌّ وبعضٌ:
يكونان مُضافينِ، نحو: "جاءَ كلُّ القومِ أو بعضُهم" ومقطوعينِ عن الإضافة لفظاً، فيكون المضافُ إليه مَنوياً، كقوله تعالى: {وكُلاًّ وعدَ اللهُ الحُسنى}، أي: كلاًّ من المجاهدينَ والقاعدينَ، أي: كلَّ فريق منهم، وقولهِ: {وفضّلنا بعض النّبيينَ على بعضٍ}، أي: على بعضهم.
8- جميعٌ:
يكونُ مضافاً، نحو: "جاءَ القومُ جميعُهم". ويكون مقطوعاً عن الإضافةِ منصوباً على الحال، نحو: "جاءَ القومُ جميعاً"، أي: مجتمعينَ.
المُلاَزِمُ الإضافة إِلى الجُمْلَةِ:
ما يلازمُ الإضافةَ إلى الجملة هو: "إذْ وحيثُ وإذا ولمّا ومذ ومُنذ".
- إذْ وحيثُ:
تُضافانِ إلى الجُملِ الفعليّة والاسميّة، على تأويلها بالمصدر. فالأولُ كقوله تعالى: {واذكروا إذْ كُنتم قليلاً}، وقولهِ: {فأتوهنَّ من حيثُ أمرَكمَ اللهُ}، والثاني كقوله عزَّ وجلَّ: {واذكروا إذْ أنتم قليلٌ}، وقولِكَ: "اجلِسْ حيث العلمُ موجودٌ".
- "إذا ولمّا":
تُضافانِ إلى الجملِ الفعليةِ خاصةً، غير أن "لمّا" يجبُ أن تكونَ الجملةُ المضافةُ إليها ماضيّةً، نحو: "إذا جاءَ عليٌّ أكرمتُه" و "لمّا جاءَ خالدٌ أعطيته".
- مُذْ ومنذُ":
إن كانتا ظرفينِ؛ أُضيفتا إلى الجمل الفعليّةِ والاسميّة، نحو: "ما رأَيتُكَ مُذْ سافرَ سعيدٌ.
وما اجتمعنا منذُ سعيدٌ مسافرٌ". وإن كانتا حرفيْ جرٍّ، فما بعدَهما اسمٌ مجرورٌ بهما. كما سبق الكلام عليهما في مبحث حروف الجرّ.
واعلم أنَّ "حيثُ" لا تكون إلا ظرفاً. ومن الخطأ استعمالُهما للتعليلِ، بمعنى: "لأن"، فلا يُقالُ: "أكرمتُه حيث إنه مجتهدٌ"، بل يُقالُ: "لأنه مجتهدٌ".
وما كان بمنزلةِ "إذْ" أَو إذا"، في كونه اسمَ زمانٍ مُبهماً لِمَا مضَى أَو لما يأتي، فإنهُ يُضافُ إلى الجمل، نحو: "جئتك زمنَ عليٌّ والٍ"، أَو "زمنَ كان عليٌّ والياً"، ومنه قوله تعالى: {يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بَنونَ، إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم}، وقوله: {هذا يومُ ينفعُ الصادقينَ صِدقُهُم}.
التسميات
نحو عربي