بعض أَحكام الإضافة: إضافة الاسم إلى مرادفه. إضافة العام إلى الخاص. إضافة الصفة إلى الموصوف

بعض أَحكام الإِضافة:

1- قد يكتسبُ المضافُ التأنيثَ أو التذكيرَ من المضاف إليه:

فيُعامَلُ معاملةَ المؤنثِ، وبالعكس، بشرطِ أن يكون المضافَ صالحاً للاستغناءِ عنه، وإقامةِ المضافِ إليه مُقامَهُ، نحو: "قُطعتْ بعضُ أصابعهِ"، ونحو: "شمسُ العقلِ مكسوفٌ بِطَوعِ الهَوى"، قال الشاعر:
أَمُرُّ عَلى الدِّيارِ، دِيارِ لَيْلى + أُقَبِّلُ ذا الجِدارَ وذَا الجِدارا
وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفْنَ قَلْبي + وَلكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارا

والأولى مُراعاةُ المضاف، فتقولُ: "قُطعَ بعضُ أصابعهِ. وشمسُ العقل مكسوفةٌ بِطَوع الهوى. وما حبُّ الديار شغفَ قلبي".
إلا إذا كان المضافُ لفظَ "كُلّ" فالأصلحُّ التأنيث، كقوله تعالى: "يومَ تَجِدُ كلُّ نفسٍ ما عَمِلتْ من خير مُحضَراً"، وقولِ الشاعر:
جادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ -- فَتَرَكْنَ كُلَّ حَديقَةٍ كَالدِّرْهَمِ

أما إذا لم يصحَّ الاستغناءُ عن المضاف، بحيثُ لو حُذفَ لَفَسدَ المعنى، فمُراعاةُ تأنيثِ المضاف أو تذكيرِهِ واجبةٌ، نحو: "جاءَ غُلامُ فاطمةَ، وسافرتْ غلامةُ خليلٍ"، فلا يقالُ: "جاءَت غلامُ فاطمةَ"، ولا "سافر غلامةُ خليل"، إذ لو حُذف المضافُ في المثالين، لفسدَ المعنى.

2- لا يَضافُ الاسمُ إلى مرادِفه:

فلا يقالُ: "ليثُ أسدِ"، إِلا إِذا كانا عَلمينِ فيجوزُ، مثل: "محمدُ خالدٍ"، ولا موصوفٌ إلى صفتهِ، فلا يقال: "رجلُ فاضلٍ".
وأما قولهم: "صلاةُ الأولى، ومَسجدُ الجامعِ، وحَبَّةُ الحَمقاءِ، ودارُ الآخرةِ، وجانبُ الغربي، فهو على تقدير حذفِ المضافِ إليه وإقامةِ صفتهِ مُقامَهُ.
والتأويلُ: "صلاةُ الساعةِ الأولى، ومسجدُ المكان الجامع، وحبةُ البَقلة الحمقاءِ، ودارُ الحياة الآخرة، وجانبُ المكانِ الغربي".
وأمّا إضافةُ الصفةِ إلى الموصوف فجائزةٌ، بشرط ان يصحَّ تقديرُ "مِن" بين المضافِ والمضافِ إليه، نحو: "كرامُ الناسِ، وجائبةُ خبرٍ، ومُغَرِّبةُ خَبرٍ، وأخلاقُ ثياب، وعظائمُ الأمورِ، وكبيرُ أمرٍ".
والتقديرُ: "الكرام من الناس، وجائبةٌ من خبر الخ". أمّا إذا لم يصحْ "مِن" فهيَ ممتنعةٌ، فلا يقالُ: "فاضلُ رجلٍ، وعظيمُ أمير".

3- يجوز أن يُضافَ العامُّ إلى الخاصّ:

كيوم الجُمعة، وشهر رمضانَ.
ولا يجوزُ العكسُ، لعدم الفائدة، فلا يقالُ: "جُمعة اليوم، ورمضان الشهر".

4- قد يضافُ الشيءُ إلى الشيءُ لأدنى سَببٍ بينَهما:

ويُسمُّونَ ذلك بالإضافةِ لأدنى مُلابَسةٍ، وذلكَ أنك تقولُ لرجلٍ كنتَ قد أجتمعتَ به بالأمسِ في مكان: "انتظرني مكانَكَ أمسِ"، فأضفتَ المكانَ إليه لأقلَّ سببٍ، وهو اتفاقُ وُجوده فيه، وليس المكانُ ملكاً لهُ ولا خاصاً به، ومنه قول الشاعر:
إذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بِسُحْرَةٍ + سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في القَرائِبِ

5- إذا أمِنوا الالتباسَ والإبهامَ حذفوا المضافَ وأقاموا المضافَ إليه مُقامَهُ، وأعربوهُ بإِعرابهِ:

ومنه قولهُ تعالى: {واسألِ القريةَ التي كنّا فيها والعِيرَ التي أقبلنا فيها}، والتقديرُ: واسألْ أهل القريةَ وأصحابَ العِيرِ. أما إن حصلَ بحذفه إبهامٌ والتباسٌ فلا يجوزُ، فلا يُقالُ: "رأيتُ عليّاً"، وأنتَ تُريدُ "رأيتُ غلامَ عليّ".

6- قد يكونُ في الكلام مضافانِ اثنانِ فيُحذَفَ المضافُ الثاني استغناءً عنهُ بالأوَّل:

كقولهم: "ما كلُّ سَوداءَ تَمرةً، ولا بيضاءَ شَحمةً"، فكأنَّكَ قلتَ: "ولا كلُّ بيضاءَ شحمة".
فبيضاء: مُضافٌ إلى مضافٍ محذوف.
ومثلُهُ قولُهم: "ما مثلُ عبد اللهِ يقولُ ذلك، ولا أخيهِ".
وقولُهم: "ما مثلُ أبيكَ، ولا أخيكَ يقولان ذلك".

7- قد يكونُ في الكلام اسمانِ مضافٌ إليهما فيُحذَفُ المضاف إليه الأول استغناءً عنه بالثاني:

نحو: "جاءَ غلامُ وأخو عليّ".
والأصلُ: "جاءَ غلامُ عليَّ وأخوهُ". فلمّا حُذِفَ المضافُ إليه الأول جعلتَ المضافَ إليه الثاني اسماً ظاهراً، فيكون "غلام" مضافاً، والمضافُ إليه محذوف تقديرُه: "علي"، ومنه قول الشاعر:
يا مَنْ رَأَى عارِضاً أُسَرُّ بهِ + بَيْنَ ذِراعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ
والتقديرُ: "بينَ ذراعيِ الأسد وجبهتهِ". وليس مثلُ هذا بالقويِّ والأفضلُ ذكرُ الاسمين المضاف إليهما معاً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال