كتب الجغرافيا العربية.. البلدان لليعقوبي. صفة جزيرة العرب للهمداني. معجم البلدان لياقوت الحموي. الإكليل من أخبار اليمن وأنساب حِمْيَر

علم الجغرافيا أحد العلوم التي يحتاج إليها علم التاريخ، بل إنّه متّصل به لأجل درك وفهم الأحداث وتحليل الروايات التاريخية وتوثيقها؛ ولهذا يتمتّع بأهمّية خاصّة، ويمكن للمورّخ أن يفهم وقوع الحادثة في وقتها ومكانها بعلم الجغرافيا، وبإمكانه البحث عن وقت حدوثها.

وقد ظهر العمل بهذا العلم منذ القرن الثاني الهجري في بحوث موسّعة في آثار هشام بن محمد الكلبي في خصوص جغرافية شبه الجزيرة، ثم تطور المسلمون في هذا الفرع، حتى أنّهم كتبوا دائرة معارف كبيرة في الجغرافيا، ومنها الآثار الجغرافية التي أصبح يُستفاد منها، مثل: البلدان لليعقوبي، وصفة جزيرة العرب للهمداني، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، وإليك تعريفاً موجزاً بهذه المصنّفات:

1) البلدان:
مؤلّف هذا الكتاب هو أحمد بن أبي يعقوب المشهور باليعقوبي (المتوفّى 283هـ).
وقد فُقِدَ قسم من هذا الكتاب، ويحتوي على مواضيع المسافات والمنازل والتاريخ والثقافة والجغرافيا الطبيعية والإنسانية والاقتصادية لمدن: (عراق العجم وفارس وكرمان وسيستان وخراسان، وما وراء النهر والعراق واليمن والحجاز والشام ومصر وشمال أفريقيا وآسيا الصغرى وأرمينيا. وأوضح تقرير لليعقوبي هو ما ذكره حول بغداد وسُرَّ من رأى والكوفة ومكة والمدينة)، وتحدّث عن بقية المدن باختصار.

ولقد استُفيد من هذا البحث في أقسام اليمن والعراق في هذا الكتاب.
ويعطي اليعقوبي معلومات مختصرة جداً غير أنها ذات فائدة فيما يخص سكان نواحي اليمن ومخاليفها.

2- صفة جزيرة العرب:
مؤلف هذا الكتاب هو المورّخ والنسّابة والشاعر والأديب والمنجم والفيلسوف وعالم الآثار والجغرافي اليمني: أبومحمد حسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني، (المتوفّى 334هـ)، والمشهور «بابن حائك»([1]) و«لسان اليمن».

لقد كتب الهمداني مصنّفات كثيرة بسبب علمه الواسع، وكان أشهرها «صفة جزيرةالعرب»، ويحتوي هذا الكتاب على المواضيع والبحوث الكلّية حول الجغرافيا ووصف بلاد ومدن اليمن في مناطق تهامة ونجد والجبلية وحضرموت والقمّة وحِمْيَر والقمّة ومذحج، ويحتوي على مدن عدن وصنعاء وبلاد همدان محل استقرار القبائل والاُسر اليمنية ومشاهيرهم والقلاع اليمنية وأسواق اليمن، والعمارات والبنايات والآثار القديمة والحفريات والقصور والهضاب والنباتات والأنهار والعيون والمعادن والعجائب، وفهرس دقيق عن مخاليف اليمن.

وأخيراً يحتوي على نحو مائة صفحة من الشعر في وصف أرض وأنساب قبائل بلاد اليمن.
ومن الجدير بالذكر أنّ مواضيع الهمداني كانت دقيقة جداً بخصوص أرض آبائه وأجداده، ولكنّها لا تتمتّع بالدقّة بشأن حضرموت والمناطق الاُخرى وطرق شبه الجزيرة.

ويوجد لديه كتاب آخر قيّم باسم «الإكليل» من أخبار اليمن وأنساب «حِمْيَر»، وقد تضمّن عشرة عناوين لعشرة كتب، إذ أنّ كتابه العاشر في معارف همدان وأنسابها وعيون أخبارها، ومواضيع الإكليل عبارة عن: أنساب حمير وهمدان والقبائل اليمنية الاُخرى وأقسامها واُسرهم، وعلاقة القبائل والأيّام وتاريخ اليمن، ومكانة القبائل اليمنية والمدن والقرى وقلاعهم، وزعماء القبائل والعلماء وآثار اليمن القديمة والحفريات والقصور والكنوز، ولغة الحِمْيريّين والحروف المسندة، وخزانة من أشعار الشعراء حول الموضوعات الآنفئ الذكر.

وكان الهمداني واحداً من كبار علماء اليمن من قبيلة بكيل همدان، وله تسلّط على الخطّ واللغة الحميرية، وتعلّم الخطّ المسند من اُستاذهِ محمد ابن عبدالله الأوساني ولا يمكنه قراءة الحفريات بدقة([2])، ومن هذه الناحية كانت لديه معلومات قيّمة عن تاريخ اليمن قبل الإسلام.

ويُظهر الهمداني في كتابيه هذين علاقة شديدة بعهد اليمن القديم وخصوصاً أرض آبائه وأجداده ومنطقة حِمْيَر وآثارها التاريخية.

وكان أكثر ما يزعج خاطره تذكّر الماضي وعظمة أرض حِمْيَر وهمدان، وليس كل القبائل اليمنية.

[1]. معجم الاُدباء لياقوت الحموي: 4/230.
[2]. الإكليل لحسن بن أحمد الهمداني: 36 و 40.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال