تقسيم الاستعارة باعتبار ما يتصل بها من الملاءمات وعدمِ اتصالها.. الاستعارة المطلقة. الاستعارة المرشحة. الاستعارة المجردة

تقسيم الاستعارة باعتبار ما يتَّصل بها من المُلاءمات، و عدمِ اتصالها[1]:
تنقسم الاستعارةُ باعتبار ذكر ملائمِ المستعارِ منه، أو باعتبار ذكر ملائم ِالمستعار لهُ، أو باعتبار عدم اقترانها بما يلائمُ أحدهما، إلى ثلاثة أقسامٍ: مطلَقةٌ، ومرَشحةٌ، ومجرّدةٌ.

1- فالمطلقةُ: هي التي لم تقترن بما يلائمُ المشبَّه والمشبَّه به، نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ ..} (27) سورة البقرة.

أو ذكرَ فيها ملائمِهما معاً، كقول زهير[2]:
لَدَى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ -- لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ

استعار الأسدَ للرجل الشجاع، وقد ذكر ما يناسبُ المستعارُ له، في قوله: شاكي السلاحَ  مقذَّفٍ  وهو التجريدُ، ثم ذكر ما يناسبُ المستعارَ منه، في قوله: له لبدٌ أظفاره لم تقلمِ ، وهو الترشيحُ، واجتماع التجريدِ والترشيحِ يؤدَّي إلى تعارُضهِما وسقوطِهما، فكأنّ الاستعارةَ لم تقترنْ بشيءٍ وتكونُ في رتبةِ المطلقةِ.

2- المرَشَّحةُ: هي التي قرنت بملائمِ المستعارِ منه، أي المشبَّه به، نحو قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} (16) سورة البقرة، استعيرَ الشراءُ للاستبدال والاختيارِ، ثم فرعَ عليها ما يلائم المستعارُ منه من الرِّبح والتجارة ونحو  من باعَ دينهُ بدنياه لم تربحْ تجارَته. وسميتْ مرشحةً  لترشيحِها وتقويتِها بذكر الملائِم، وترشيحُ الاستعارةِ التصريحيةِ متفَقٌ عليه.

3- المجرَّدةُ: هي التي قرنت بملائمِ المستعارِ له أي لمشبَّه نحو: اشتَر بالمعروف عِرْضَكَ من الأَذى.

و سمِّيتْ بذلك: لتجريدِها عن بعض المبالغةِ، لبعدِ المشبَّه حينئذ عن المشبَّه به بعض بُعدٍ، وذلك يبعد دعوى الاتحادِ الذي هو مبنى الاستعارة.

ثم اعتبار الترشيحِ والتجريدِ، إنما يكونُ بعد تمام الاستعارةِ بقرينتها سواء أكانت القرينةُ مقاليةً أم حالية، فلا تعدُّ قرينةُ المصرحةِ تجريداً ولا قرينةُ المكنيةِ ترشيحاً ،بل الزائد على ما ذكر.

واعلمْ أنَّ الترشيحَ أبلغُ من غيره، لا شتمالِه على تحقيقِ المبالغة بتناسي التشبيه، وادعاءِ أنَّ المستعارَ له هو نفسُ المستعار منه لا شيءٌ شبيهٌ به، وكأن الاستعارةَ غيرُ موجودةٍ أصلاً، والإطلاقُ أبلغُ من التجريدِ، فالتجريدُ أضعفُ الجميع، لأن َّبه تضعفُ دعوى الاتحادِ.

و إذا اجتمع ترشيحٌ وتجريدٌ: فتكونُ الاستعارة ُفي رُتبةِ المطلقةِ، إذ بتعارضِهما يتساقطانِ، كما سبق تفصيلُه.
و كما يجري هذا التقسيمُ في التصريحيةِ  يجري أيضاً في المكنيةِ .

[1] - جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 14) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 5).
[2] - الشعر والشعراء - (ج 1 / ص 36) وجمهرة أشعار العرب - (ج 1 / ص 33) وخزانة الأدب - (ج 1 / ص 316) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 282) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 21 / ص 149).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال