تعريف التطريز.. البلاغة بالتوشيع. أن يكونَ صدر النثر أو الشعرِ مشتملا على ثلاثة أسماء مختلفة المعاني ويكونَ العجز صفة متكررة بلفظ واحد

التطريزُ [1]:
- تعريفُه:
هو أن يكونَ صدرُ النثرِ أو الشِّعرِ مُشتملاً على ثلاثةِ أسماءَ مختلفةِ المعاني، ويكونَ العجزُ صفةً متكررةً بلفظٍ واحدٍ، وسماه بعض علماء البلاغة بالتوشيع[2]، ومنه قول رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِى اثْنَتَيْنِ فِى حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ»[3].

 وكقول القائل [4]:
وتَسْقيني وتَشربُ منْ رحيقِ -- خَليقٍ أن يُلَقّبَ بالخلوقِ
كأنَّ الكأس في يَدِهَا وفيهَا -- عَقيقٌ في عقيقٍ في عقيقِ

ومثل قول أبي تمام  [5]:
أعوَامَ وَصْلٍ كانَ يُنْسِي طُولَها -- ذكْرُ النَّوَى، فكأنَّهَا أيَّامُ
ثُمَّ انْبَرَتْ أَيَّامُ هَجْرٍ أَردَفَتْ -- بِجَوى ً أَسى، فكأنَّها أعْوَامُ
ثمَّ انقضتْ تلك السنونُ وأهلُها -- فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

ومنه قول الشاعر [6]:
أمسي وأصبحُ من هجرانكم وصباً -- يرثي لي المشفقانِ: الأهلُ، والولدُ
قد خددَ الدمعُ خدي منْ تذكركِم -- واعتادني المضنيان: الوجدُ، والكمدُ
غاب عن مقلتي نومي ونافرها -- وخانني المسْعدانِ: الصبرُ، والجلدُ
لو رمتُ إحصاء ما بي من جوىً وضنًى -- لم يحصهِ المحصيانِ: الوزنُ، والعددُ
أو رمتُ منْ ضعفِ جسمي حملَ خردلةٍ -- ما ضمَّها الأقويانِ: الزندُ، والعضدُ
أستودع اللهَ منْ أهواهُ كيفَ جرتْ -- بشخصِنا الحالتانِ: القربُ، والبعدُ
لا غروَ للدمعِ أنْ تجري غوارُبه -- وتحته المضرمانِ: القلبُ، والكبدُ
كأنما مهجتي شلوٌ  بمسبعةٍ -- ينتابها الضاريانِ: الذئبُ، والأسدُ
لم يبقَ غيرُ خفيّ الروحِ في جسدي -- فداؤُك الباقيانِ: الروحُ، والجسدُ
إني لأحسُد في العشاقِ مصطبراً -- وحسبُك القاتلانِ: الحبُّ، والحسدُ

وقال ابن حيدرة [7]:
أنى يفاخرُ أو يطاولُ منْ -- أضحى يقرُّ لفخرهِ الفخرُ
منْ سار والتوفيقُ صحبتهُ -- والواقيان: الجدُّ، والنصرُ
وأقام والأقيالُ تخدمه -- والماضيانِ: السيفُ، والأمرُ
وأني وجلتها تدين له -- والواجبان: الحمدُ، والشكرُ
صدقتْ فراستهُ ومولده -- والمنذرانِ: الفالُ، والزجرُ
وغدا ودون محله زحلٌ -- والنيرانِ: الشمسُ، والبدرُ
وأقرَّ عجزاً عن سماحته -- الأجودانِ: الغيثُ، والبحرُ
نشرتْ فضائلُه مواهبَه -- والسائرانِ: النظمُ، والنثرُ
تغنيه في الأعداءِ هيبتهُ -- لا المتعبانِ: الكيدُ، والمكرُ
متورعٌ تنهاه همتهُ -- والزاجرانِ: الدينُ، والذكرُ
تلهيهِ قبلتهُ ومصحفهُ -- لا المصبيانِ: اللهوُ، والخمرُ
ويزيدهُ شرفاً تواضعُه -- لا الفاتنانِ: التيهُ، والكبرُ
شكرتْ لسيرته رعيتُه -- والآمنانِ: البدوُ، والحضرُ
يا منْ له دامتْ سعادتُه -- والغادرانِ: الدهرُ، والعمرُ
خانَ العبيدَ غداةَ بينهمُ -- العدتانِ: العزمُ، والصبرُ
وأطارَ نومهُم تخلفهُم -- والموقظانِ: الهمُّ، والفكرُ
واعتادهم شوقٌ يؤنبهمْ -- والمزعجانِ: الشوقُ، والذكرُ
وسعَى بهم صرفٌ سعَى لهمُ -- والدهرُ فيه: الخيرُ، والشرّ

[1]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 13)  وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 59) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 310) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17).

[2]- تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 59) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 310).

[3]- أخرجه  البخارى برقم(6420 ) و تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 59) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 310) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 64).

[4]- تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 59) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 310).

[5] - البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 13) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 13 / ص 229) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 15).

[6]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 13)  والمدهش - (ج 1 / ص 115) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 59) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 310).
[7]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 13).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال