تقسيمِ طرفي التشبيه إلى حسي وعقلي:
طرفا التشبيهِ، المشبَّهُ والمشبَّهُ به.
إمَّا حسيَّانِ،أ ي مدركانِ بإحدى الحواسِّ الخمسِ الظاهرةِ، نحو: أنتَ كالشمسِ في الضياءِ.
وإمَّاعقليانِ، أيْ مدركانِ بالعقلِ، نحو: العلمُ كالحياةِ، ونحو: الضلالُ عن الحقِّ كالعمَى ونحو: الجهلُ كالموتِ.
وإمَّامختلفانِ، بأنْ يكونَ المشبَّهُ حسيٌّ، والمشبَّهُ بهِ عقليٌّ، نحو: طبيبُ السوءِ كالموتِ، أو بأنْ يكونَ المشبَّهُ عقليٌّ والمشبَّهُ به حسيٌّ، نحو: العلمُ كالنورِ.
واعلمْ أنَّ العقليَّ هو ما عدا الحسيِّ، فيشملُ المدركُ ذهناً: كالرأيِ، والخلقِ، والحظِّ، والأملِ، والعلمِ، والذكاءِ، والشجاعةِ.
ويشملُ أيضاً الوهميَّ، وهو ما لا وجودَ لهُ، ولا لأجزائهِ كلِّها، أو بعضِها في الخارجِ، ولو وُجدَ لكانَ مدركاً بإحدَى الحواسِّ.
ويشملُ الوجدانيَّ: وهو ما يدركُ بالقوى الباطنةِ، كالغمِّ، والفرحِ، والشبعِ، والجوعِ، والعطشِ، والريِّ.
فالحسيانِ يشتركانِ في الأمور التالية:
1- في صفةٍ مبصرةٍ، كتشبيهِ المرأةِ بالنهارِ في الإشراقِ، والشَّعرِ بالليلِ في الظلمةِ والسوادِ.
كما في قولِ الشاعر[1]:
فرعاءُ تسحبُ من قيامٍ شعرَها -- وتغيبُ فيهِ وهو ليلٌ أسحمُ
فكأنها فيه نهارٌ مشرقٌ -- وكأنه ليلٌ عليها مظلِمُ
2- أو في صفةٍ مسموعةٍ، نحو: غرَّدَ تغريدَ الطيورِ، ونحو: سجعَ سجعَ القمريِّ ،ونحو:أنِّ أنينَ الثكلَى، ونحو: أسمعُ دويًّا كدويِّ النحلِ، وكتشبيهِ إنقاض الرحلِ بصوتِ الفراريجِ في قول الشاعر [2]:
كَأَنَّ أَصْوَاتَ مِنْ إِيغَالِهِنَّ بِنَا - أَوَاخِرِ الْمَيْسِ إِنْقَاضُ الْفَرَارِيجِ
وكتشبيهِ الأصواتِ الحسنةِ في قراءة القرآن الكريمِ بالمزاميرِ.
3- أو في صفةٍ مذوقةٍ، كتشبيهِ الفواكهِ الحلوةِ بالعسلِ.
4- أو في صفةٍ ملموسةٍ، كتشبيهِ الجسمِ بالحريرِ، كما في قول ذي الرمة [3]:
لها بَشَرٌ مثلُ الحَريرِ ومَنْطِقٌ -- رَخِيمُ الحَوَاشِي لا هُرَاءٌ ولا نَزْرُ
5- أو في صفةٍ مشمومةٍ، كتشبيهِ الريحان بالمسكِ، والنكهةِ بالعنبرِ.
[1]- محاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 456).
[2]- من قصيدة لذي الرمة، والبيت في وصف الأبل، وشدةِ سيرها حتى أن الرحالَ حين يحكُّ بعضُها بعضاً تحدثُ صوتاً شبيهاً بصوتِ صغارِ الدجاج، والميسُ: شجر تتخذ منه الرحال، وأرادَ به الرحال هنا، والأنقاض، مصدر: أنقضت الدجاجة أي صوتت = خزانة الأدب - (ج 1 / ص 497) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 23 / ص 314) وتاج العروس - (ج 1 / ص 4747)ولسان العرب - (ج 7 / ص 242) وفقه اللغة - (ج 1 / ص 73) وشرح الرضي على الكافية - (ج 2 / ص 182).
[3]- تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 54) والجليس الصالح والأنيس الناصح - (ج 1 / ص 181) والبيان والتبيين - (ج 1 / ص 82) والإمتاع والمؤانسة - (ج 1 / ص 7) وتاج العروس - (ج 1 / ص 264) ولسان العرب - (ج 1 / ص 181).
التسميات
علم البلاغة