تعريف النظير:
هيَ الجمعُ بين أمرينِ، أو أمورٍ متناسبةٍ، لا على جهةِ التضادِّ، وذلك إمَّا بين اثنينِ، نحو قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى، وإمَّا بين أكثرَ، نحو قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} (16) سورة البقرة.
ويُلَحقُ بمراعاةِ النظيرِ، ما بُنيَ على المناسبةِ في المعنَى بين طرفي الكلامِ، يعني أنْ يختَمَ الكلامُ بما يناسبُ أوَّلهَ في المعنَى، نحو قوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (103) سورة الأنعام. فإنَّ اللطيفَ يناسبُ عدمَ إدراكِ الأبصارِ له، والخبيرَ يناسبُ إدراكَهُ سبحانه وتعالى للأبصارِ.
وما بُنيَ على المناسبةِ في اللفظِ باعتبارِ معنًى له غيرَ المعنَى المقصودِ في العبارةِ، نحو قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن/5-7].
فإنَّ المرادَ بالنَّجمِ هنا النباتُ، فلا يناسبُ الشَّمسَ والقمرَ ولكنَّ لفظَهُ يناسبهُما باعتبارِ دَلالته على الكواكبِ; وهذا يقال له: إيهامُ التناسبِ [1].
و منه قولُ أسيد بن عنقاءَ الفزاريّ [2]:
كأنَّ الثريا عُلِّقَتْ في جبينهِ -- وفي أنفه الشَّعْرَى وفي خدِّه القمرْ
ومن أحسنِ ما وردَ في مراعاةِ النظيرِ قول ُابن خفاجةَ يصفُ فرساً [3]:
وأشْقَر تضرم منْهُ الوَغى -- بشُعْلةٍ مِنْ شُعِل البَاس
منْ جلّنار ناضر خدُّهُ -- وأذنُهُ مِنْ وَرَق الآسِ
تَطْلُعُ للغرِّةِ في وَجههِ -- حبَابة تَضحكُ في الكاس
فالمناسبةُ هنا بين الجلنار والآسِ والنضارةِ.
و منه قولُ ابن رشيق [4]:
أصحُّ وأقوى ما سمعناهُ في النَّدى -- منَ الخبرِ المأثور ِمنذُ قديمٍ
أحاديثَ ترويها السيولُ عنِ الحيا -- عنِ البحر ِعنْ كفِّ الأمير تميمِ
فإنهُ ناسبَ فيه بين الصحَّةِ والقوَّةِ والسَّماع ِوالخبرِ المأثورِ والأحاديثَ والروايةِ، ثم َّبينَ السيلِ والحيا والبحرِ وكفِّ تميم، مع ما في البيت الثاني منْ صحةِ الترتيبِ في العنعنةِ، إذ جعلَ الروايةَ لصاغرٍ عنْ كابرٍ، كما يقعُ في سندِ الأحاديثَ، فإنَّ السيولَ أصلُها المطرُ، والمطرُ أصلُه البحرُ على ما يقالُ، ولهذا جعلَ كفَّ الممدوحِ أصلاً للبحر ِمبالغةً.
[1] - أدب الكتاب لابن قتيبة - (ج 1 / ص 21) والكامل في اللغة والادب - (ج 1 / ص 173) والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير - (ج 9 / ص 173) ومعجم لغة الفقهاء - (ج 1 / ص 476) وتاج العروس - (ج 1 / ص 2023) ولسان العرب - (ج 3 / ص 204) ولسان العرب - (ج 12 / ص 568) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 112).
( نجم ) نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم بالضم نُجوماً طَلَعَ وظهر ونَجَمَ النباتُ والنابُ والقَرْنُ والكوكبُ وغيرُ ذلك طلَعَ قال الله تعالى والنَّجْمُ والشجرُ يَسْجُدانِ وفي الحديث هذا إِبَّانُ نُجومِه أَي وقتُ ظهورِِه يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم يقال نَجَم النبتُ يَنْجُم إِذا طلع وكلُّ ما طلع وظهر فقد نَجَم وقد خُصَّ بالنَّجْم منه ما لا يقوم على ساقٍ كما خُصَّ القائمُ على الساق منه بالشجر.
[2]- قواعد الشعر - (ج 1 / ص 2) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 405) و خزانة الأدب - (ج 4 / ص 83) والمستطرف في كل فن مستظرف - (ج 1 / ص 169) والأغاني - (ج 5 / ص 169) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 70 / ص 394) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 111).
[3]- معاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 211) و الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 111) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 10 / ص 64).
[4]- معاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 212) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 111).
التسميات
علم البلاغة