تعريف التخلص.. الخروج والانتقال مما ابتدىء به الكلام إلى الغرض المقصود برابطة تجمل المعاني آخذا بعضها برقاب بعض بحيث لا يشعر السامعُ بالانتقال من نسيب إلى مدح لشدة الالتئام والانسجام

التخلُّصُ[1]: 
هو الخروجُ والانتقالُ مما ابتدىءَ به الكلامُ إلى الغرضِ المقصودِ، برابطةٍ تجمِّلُ المعاني آخذاً بعضُها برقابِ بعضٍ، بحيثُ لا يشعر ُالسامعُ بالانتقالِ من نسيبِ، إلى مدحِ، أو غيره، لشدة ِالالتئامِ والانسجامِ.
فإذا كان حسناً متلائمَ الطرفينِ حركَ من نشاطِ السامعِ وأعانَ على إصغائهِ إلى ما بعدَه، وإن ْكانَ بخلافِ ذلك كان الأمرُ بالعكس.

فمن  التخلَّصاتِ المختارةِ قول أبي تمام [2]:
يقولُ في قَوْمَسٍ صَحْبي وقد أخذَتْ -- مِنَّا السَّرَى وخُطَا المَهْرِيَّةِ القُودِ
أَمَطْلَع الشَّمسِ تبغي أنْ تَؤُمَّ بنا -- فقلتُ كلاّ ولكنْ مطلعَ الجودِ

وقول مسلم بن الوليد [3]:
أَجِدَّكِ ما تَدْرِينَ أَنْ رُبَّ لَيْلَةٍ -- كأَنَّ دُجاها مِن قُرُونِكِ يُنْشَرُ
لَهَوْتُ بِها حتَّى تَجَلَّتْ بِغُرَّةٍ -- كَغُرَّةِ يَحْيَى حينَ يُذْكَرُ جَعْفَرُ

وقول أبي الطيب يمدح المغيث العجلي [4]:
مَرّتْ بنا بَينَ تِرْبَيْها فقُلتُ لَها -- من أينَ جانَسَ هذا الشّادِنُ العَرَبَا
فاستَضْحَكَتْ ثمّ قالتْ كالمُغيثِ يُرَى -- ليثَ الشَّرَى وهوَ من عِجْلٍ إذا انتسبَا

ومنها قوله في المديح [5]:
خَليليِّ إني لا أرى غَيرَ شاعرٍ -- فَكم منهمُ الدَّعوى ومني القَصائدُ
فَلا تَعجبا إن السيُّوفَ كَثيرةٌ -- ولكنَّ سَيْفَ الدولةِ اليومَ واحِدُ

وقد ينتقلُ من الفنِّ الذي شببَ الكلامِ به إلى ما يلائمُهُ ويسمَّى ذلك الاقتضابُ، وهو مذهبُ العربِ الأُول ،ومن يليهم من المخضرمينَ كقول أبي تمام [6]:
لوْ رأى الله أنَّ في الشيب خيراً -- جاوَرَتهُ الأَبرارُ في الخلدِ شيبَا
كلُّ يومٍ تُبدِي صروفُ اللَّيالي -- خُلقاً من أبي سعيد رَغِيبَا

[1]- زهر الأكم في الأمثال و الحكم - (ج 1 / ص 221) والبديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 68) وسر الفصاحة - (ج 1 / ص 92) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 43) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 91) والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - (ج 1 / ص 245) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133).

[2]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 453).
قال ابن دريد: ومما أَخَذُوه من الرومية: قَوْمس وهو: الأمير.

[3]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 17) والحماسة البصرية - (ج 1 / ص 70) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 91) وأمالي القالي - (ج 1 / ص 108) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133).

[4]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133) وشرح ديوان المتنبي - (ج 1 / ص 80) والوساطة بين المتنبي وخصومه - (ج 1 / ص 45) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 247) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 92) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 47 / ص 383) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133).

استضحكَ مثل ضحك كقولهم استعجبَ بمعنى عجب واستسخر بمعنى سخر ويروى استضحكت بضم التاء وليس بصحيح يقول: كما إن المغيث يرى كأنه أسد وهو مع ذلك من عجل كذلك أنا أرى كالظبي وأنا عربية.

[5]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133) والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - (ج 1 / ص 245) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 21).

[6]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 133) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 461) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 18).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال