شرح: إن الدواهي في الآفات تهترس - إن عليك جرشا فتعشه.. اشتداد الزمان واضطراب الفتن‏. لمن يؤمر بالاتّئاد والرفق في أمر يبادره

1- إنَّ الدَّوَاهِيَ في الآفاتِ تَهْتَرِس:
ويروى ‏"‏ترتهس‏"‏ وهو قلبُ تهترس من الهَرْسِ، وهو الدقّ، يعني أن الآفات يموج بعضها في بعض ويدق بعضها بعضاً كثرة‏.‏ 
يضرب عند اشتداد الزمان واضطراب الفتن‏.‏
 
وأصله أن رجلا مر بآخر وهو يقول‏:‏ يا ربِّ إما مهرةً أو مهراً، فأنكر عليه ذلك، وقال‏:‏ لا يكون الجنين إلا مهرةً أو مهراً، فلما ظهر الجنين كان مُشَيَّأَ الْخَلْقِ مختلفه، فقال الرجل عند ذلك‏:‏ 
قَدْ طَرَّقَتْ بجنينٍ نصفُهُ فَرَسٌ -- إن الدواهِيَ في الآفاتِ تهترس 

2- إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه:
يقال‏:‏ مضى جُرْشٌ من الليل، وجَوْش‏:‏ أي هزيع‏.‏

قلت‏:‏ وقوله ‏"‏فتعشه‏"‏ يجوز أن تكون الهاء للسكت، مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لم يَتَسَنّهْ‏}‏ في أحد القولين، ويجوز أن تكون عائدة إلى الْجَرْش على تقدير‏:‏ فتعشَّ فيه، ثم حذف ‏"‏في‏"‏ وأَوْصَلَ الفعلَ إليه، كقول الشاعر‏:‏ 
وَيَوْمٍ شَهدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً -- قَلِيلٌ سِوَى الْطعنِ الدِّرَاكِ نَوَافِلُهْ
أي شهدنا فيه‏.‏ 
يضرب لمن يؤمر بالاتّئاد والرفق في أمرٍ يبادره، فيقال له‏:‏ إنه لم يَفُتْكَ، وعليك ليل بعدُ، فلا تعجل‏.‏

قال أبو الدقيش‏:‏ إن الناس كانوا يأكلون النسناس، وهو خَلْقٌ لكل منهم يدٌ ورجل، فرعى اثنان منهم ليلا، فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ فَضَحك الصبحُ، فقال الآخر‏:‏ إن عليك جَرْشاً فتعشَّهْ‏.‏ قال‏:‏ وبلغني أن قوما تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه‏:‏ 
يارُبَّ يَوْمٍ لَوْ تَبِعْتُمَانِي -- لمتُّمَا أَوْ لَتَركْتُمَانِي

فأدرِكَ فذُبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شَحْم، فقال آخر من الشجرة‏:‏ إنه آكِلُ ضَرْوٍ، فقال الثالث‏:‏ فأنا إذن صُمَيْمِيت، فاستنزل فذبح‏.‏
أحدث أقدم

نموذج الاتصال