شرح وإعراب: ألا سبيل إلى خمر فأشربها + أم لا سبيل إلى نصر بن حجّاج

ألا سبيل إلى خمر فأشربها + أم لا سبيل إلى نصر بن حجّاج

البيت شاهد على أن «ألا» للتمنّي، ولهذا سمّيت قائلة هذا البيت «المتمنّية».

ونصر بن حجاج بن علاط السلمي، من أولاد الصحابة، فأبوه حجاج صحابي، ونصر هذا، تقول الروايات إنه كان جميل المحيّا، فتمنته امرأة في المدينة سمعها عمر بن الخطاب تنشد هذا البيت وهو يعسّ ليلا، فطلبه عمر، فوجده كذلك، فأمر بنفيه إلى البصرة.

هذا القدر من القصة، نقله ابن حجر في الإصابة عن ابن سعد في الطبقات، والخرائطي: وقال إن سنده صحيح، ولكن أهل الأدب والقصة والتاريخ، يذكرون أشياء ليس لها سند صحيح، ولا تصحّ روايتها.

1- فقد زادوا إلى البيت أبياتا مصنوعة لا تصح، وإذا صحت القصة فإن المرأة لم تقل إلا البيت الذي ذكرناه شاهدا.

2- وسمّى بعض الرواة اسم المرأة، فقالوا اسمها «الذلفاء» وأنها أم الحجاج ابن يوسف، وكانت يوم تمنت تحت المغيرة بن شعبة الصحابي رضي الله عنه، وهذا افتراء على زوجة الصحابي، يقصد منه الإساءة إلى الحجاج بن يوسف، وقالوا إن عبد الملك ابن مروان كتب إلى الحجاج مرة يقول له «يا ابن المتمنّية»، وهذا لا يصحّ سندا.

3- وأساؤوا أيضا إلى صحابيّ آخر عند ما قالوا: إن نصر بن حجاج عند ما نفاه عمر إلى البصرة، قرّبه أميرها مجاشع السلمي، للقربى بينهما وأنّ زوجة مجاشع عشقت نصر ابن حجاج، وعشقها، وكان قد أخدمه إياها، وهي أجمل نساء البصرة، وإنهما تكاتبا على الأرض بحضرة مجاشع الذي كان أميّا لا يحسن القراءة.

قالوا: ثم مرض نصر بن حجاج بعد فراقه دار مجاشع، لشدة حبه، فأمر زوجته بالذهاب إليه، وإطعامه وإسناده إلى صدرها، فانتعش.
وكل هذا يحدث من صحابي، وزوجة صحابي، في عهد عمر ابن الخطاب، أليس ذلك غريبا.

4- ونقلوا القصة إلى الشام، وأن زوجة الصحابي الأعور السلمي عشقت نصر ابن حجاج.

5- وقول آخر إن أبا موسى الأشعري لما علم بقصة نصر، أمره أن يخرج إلى فارس، فجرت له هناك قصة تشبه ما سبق، فطلب منه أن يرحل، فهددهم بأن يلحق بأرض الشرك، فلما علم عمر أمر بحلق شعره، وأن يلزم المسجد.

فالقصة فيها شيء من قصة يوسف عليه السّلام، لأن بعض رواياتها تقول أنه تمنّع.
وفيها شيء من قصة المجانين، وفيها دعوة إلى تبريز العشق، فلا تسمع كلام أهل الأدب، فإذا قرأتها، فعدّ رجالها أشخاصا رمزيين لا حقيقة لهم، ولا تأخذ منها واقعا تاريخيا.

وقد أطلت في نقد القصة، وذكر رواياتها، في كتابي «المدينة النبوية، فجر الإسلام والعصر الراشدي» فانظرها هناك.
[الخزانة/ 4/ 80، وشرح المفصل/ 7/ 27].
أحدث أقدم

نموذج الاتصال