لما حططت الرحل عنها واردا + علفتها تبنا وماء باردا
البيت غير منسوب.
والشاهد فيه: «علفتها تبنا وماء»، فقوله: وماء لا يمكن عطفه على ما قبله لكون العامل (علف) في المعطوف عليه (تبنا) لا يتسلط على المعطوف «ماء» إذ لا يقال «علفتها ماء».
ومن أجل ذلك كان نصب «وماء» على ثلاثة أوجه:
النصب على المعية.
أو تقدير فعل يعطف على علفتها، والتقدير «وسقيتها».
أو على تضمين علفتها معنى أنلتها، أو قدمت لها.
وهو كما في الآية: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ [يونس: 71].
فلا تعطف وشركاءهم على «أمركم» لأن العطف على نية تكرار العامل.
فلا يقال: أجمعت شركائي، وإنما يقال: أجمعت أمري، وجمعت شركائي، فأمركم:
منصوب على المعية، أو بفعل محذوف.
[ديوان ذي الرّمة/ 1862، وشرح أبيات المغني/ 6/ 92].
وقد بعدت بالوصل بيني وبينها + بلى إنّ من زار القبور ليبعدا
البيت استشهد به الرضيّ في شرح «الكافية» ولم ينسبه، وأورده الرضي على أن بعض العلماء يرى أن «بلى» تستعمل بعد الإيجاب، في موضع «نعم».
وقوله: «بعدت بالوصل» بعد الشيء، بضم العين، ويعدّى بالباء، وفاعل بعدت ضمير الحبيبة، وبعدها عنه، إنما هو موتها وزيارتها القبر.
ولهذا قال: بلى إنّ من زار القبور .. الخ وبيني وبينها: ظرف متعلق بمحذوف، حال من الوصل.
وقوله: ليبعدا: اللام للتأكيد، وهي التي تأتي في خبر إنّ، والألف مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وفاعل يبعد: ضمير من.
واستعمال «بلى» بدل «نعم» جاء في الحديث الصحيح، فأخرج البخاري في كتاب «الإيمان والنذور» عن عبد الله بن مسعود قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مضيف (مسند ظهره) إلى قبة من أدم يمان إذ قال لأصحابه: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى .. الحديث».
وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة عن النعمان بن بشير، انطلق بي أبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال: أيسرّك أن يكونوا إليك في البرّ سواء، قال بلى...».
وجاء أيضا في قول الكميت بن ثعلبة:
نشدتك يا فزار وأنت شيخ + إذا خيّرت تخطئ في الخيار
أصيحانيّة أدمت بسمن + أحبّ إليك أم أير الحمار
بلى أير الحمار وخصيتاه + أحبّ إلى فزارة من فزار
والتمر الصّيحانيّ، تمر معروف.
وهذا الشعر ليس من الهجاء المقذع، فالشاعر يتهم بني فزارة بالبخل، وأنهم يأكلون أير الحمار، وهو مما لا يؤكل من الحيوان.
[الخزانة/ 11/ 212].
التسميات
شرح شواهد شعرية