أنساق المبنى الحكائي عند توماشفسكي

النسق في النظام التكويني للنص أو العمل الأدبي

يتكون النسق من مجموعة من العناصر البنيوية التي تحدد النظام التكويني للنص أو العمل الأدبي، وقد تكون تلك العناصر ثابتة أو متغيرة. ومن هنا، تصبح الأنساق معايير للاحتكام الفني والأدبي والجمالي.

ومن ثم، تتحدد المدرسة الأدبية بمدى محافظتها على نسق أصولي ما، أو مدى خرقها وانزياحها عن هذا النسق الثابت محافظة أو تجديدا.

الأنساق الأصولية في المدارس والاتجاهات الأدبية والفنية

ويعني هذا أن كل قاعدة أصولية تكون صالحة لتحديد نسق. وفي هذا الصدد، فكل شيء في الأدب، بدءا من اختيار المادة الغرضية، والحوافز المستقلة، وتوزيعها ووصولا إلى نظام العرض، واللغة، والمفردات إلخ- يمكن أن يصبح نسقا أصوليا، وهكذا يقنن استعمال بعض الكلمات، ويمنع بعضها الآخر، كما يقنن اختيار بعض الحوافز، وينبذ بعضها الآخر إلخ.

إن وجود الأنساق الأصولية رهين بسهولتها؛ فهي تغدو تقليدية نظرا لتكرارها، وعندما تصير ضمن الإنشائية المعيارية، فإنها تقام كقواعد ضرورية.

غير أنه ليس يوجد أصل يمكن أن يستهلك كل الإمكانيات أو يتوقع كل الأنساق الضرورية لخلق عمل أدبي كامل.
وإلى جانب الأنساق الأصولية، هناك دائما أنساق حرة، ولا تتصف بالضرورة، تظل خاصة ببعض الأعمال الأدبية، أو بعض الكتاب، أو بعض المدارس، إلخ...

وتساهم الأنساق الأصولية بنوعيها: الإجبارية والممنوعة، في تحديد إشكالية التقليد والحداثة، وإشكالية الأصالة والمعاصرة، وثنائية الانغلاق والانفتاح، وفي تبيان تجدد المدارس والحركات والاتجاهات الأدبية والفنية. أي: إن الأنساق الأصولية، في العادة، تنفي نفسها من تلقاء ذاتها.

الأنساق والتجديد في الأدب

وقيمة الأدب تتجلى في جديده وأصالته. وكل رغبة في التجديد تعني، بصفة عامة، أن ننقل الأنساق الأصولية التقليدية المقولبة من فئة الأنساق الإجبارية، إلى فئة الأنساق الممنوعة – وهكذا، تتولد تقاليد جديدة وأنساق جديدة.

غير أن هذه العملية لاتمنع الأنساق التي كانت محظورة من قبل أن تنبعث بعد جيلين أو ثلاثة أجيال.
وحسب تقدير الوسط الأدبي للأنساق، فإنه يمكن تصنيف هذه الأخيرة إلى مدركة وغير مدركة.

إن النسق يمكن أن يكون مدركا لسبين اثنين: أقدميته البالغة أو جدته البالغة. فالأنساق الخلقة، القديمة، المتداعية تكون مدركة؛ مدركة كبقيا مزعجة، وكظاهرة فقدت معناها لكن تستمر في الوجود بسبب جمودها، كجسم ميت بين كائنات حية.

خلافا لذلك، تصدمنا الأنساق الجديدة بطابعها غير المعتاد، خصوصا عندما تستعمل في حصيلة كانت، إلى ذلك الحين محظورة عليها؛ مثل استعمال الكلمات السوقية في الشعر الراقي.

تجديد الأنساق البنيوية

وعلى العموم، تنمو الأنساق البنيوية وتتطور، ثم تموت، ثم تتجدد. وفي هذا، يقول توماشفسكي: هكذا، تولد الأنساق ، تعيش، تشيخ، ثم تموت.وتبعا لتطبيقها، فإنها تغدو آلية، فتفقد وظيفتها ولا تعود فعالة.

وسعيا لقهر آلية النسق، فإنه يجدد بفضل وظيفة جديدة أو معنى جديد. إن تجدد النسق هو شبيه بالاستشهاد بقول كاتب قديم في سياق جديد، وبدلالة جديدة.

وعلى العموم، يتحدد النص أو العمل الأدبي بوجود نسق بنيوي سردي معين، تتداخل فيه المكونات الثابتة والسمات المتغيرة جنبا إلى جنب.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال