التداخل بين الفضاء السردي والزمان والمكان
يقصد بالفضاء السردي الزمان والمكان معا، فلايمكن الفصل بينهما، وقد أثبتت النظرية النسبية لإنشتاين، في القرن التسع عشر، مدى التداخل بينهما في وحدة الزمكان، أو ما يسمى عند ميخائيل باختين بالكرونوطوب (Chronotope)، بعد أن كان الفصل بينهما شائعا في القرون السابقة.
يقول باختين عن الكرونوطوب: يعين الوحدة الفنية للعمل الأدبي في علاقاته مع الحقيقة، كما يتضمن أيضا وباستمرار مكونا أساسيا، بحيث لايمكن عزله عن مجموعة الكرونوطوب الأدبي إلا بتحليل تجريدي.ذلك أنه في الفن والأدب عموما، كل التعريفات الزمكانية هي غير منفصلة عن بعضها، وتحمل دائما قيمة انفعالية.
إن التفكير على مستوى التجريد يمكن بالتأكيد أن يتأمل الزمان والمكان منفصلين، ويقصي القيم الانفعالية. إلا أن التأمل الحي (الذي يعني التأمل الرزين غير المجرد) في أي عمل فني، لا يجزىء شيئا، ولا يقصي شيئا، إنه (أي التفكير الحي) يضبط الكرونوطوب في كليته واكتماله، ذلك أن الفن والأدب مشبعان بالقيم الكرونوطوبية في مختلف الدرجات والأبعاد. وكل باعث أو مكون أساسي في أي عمل فني ينبغي أن يقدم مثلما تقدم أي قيمة من قيمه.
أنواع الأزمنة التخييلية في مجال السرد
وعليه، يمكن الحديث عن أنواع ثلاثة من الأزمنة التخييلية في مجال السرد: زمن القصة أو المتن الحكائي، وزمن السرد أو زمن المبنى الحكائي، وزمن القراءة أوالتلقي.
ولكن ما يهمنا – هنا- زمن القصة وزمن السرد.
فزمن القصة أو المتن الحكائي هو الذي يحدد لنا زمن وقوع الحدث القصصي. أي: نجيب عن السؤال التالي: متى وقعت القصة؟ أما زمن السرد، فهو زمن الحكي الذي يجيب عن السؤال التالي: ما هو الزمن الذي استعمله الراوي لسرد القصة؟.
ويعني هذا أن ثمة زمنين: زمن المضمون (زمن القصة)، وزمن الشكل (زمن الخطاب السردي).
وفي هذا الصدد، يقول توماشفسكي:" يجب أن نميز، في العمل الأدبي، زمان المتن الحكائي من زمان الحكي.
فالزمن الأول هو الذي يفترض أن الأحداث المعروضة قد وقعت فيه؛ أما زمن الحكي، فهو الوقت الضروري لقراءة عمل (مدة عرض).
إن هذا الزمن الأخير يوازي المفهوم الذي لدينا عن حجم العمل (Dimension)"
زمن المتن الحكائي أو زمن القصة
ويتحدد زمن المتن الحكائي أو زمن القصة من خلال التوقف عند المؤشرات الزمنية للفعل الدرامي المباشرة والضمنية، أو المطلقة (وضع الأحداث في زمن)، و النسبية (توظيف بعض المؤشرات التي لها علاقة بالزمن (سنتان فيما بعد إلخ...)، أو بواسطة مؤشرات المدة الزمنية التي تشغلها الأحداث (دام الحديث نصف ساعة...)، أو بطريقة غير مباشرة (وصلا إلى المكان في اليوم الخامس)، أو بواسطة خلق انطباع بهذه المدة الزمنية التي تفهم ضمنيا أو عبر إشارات ثانوية.
المكان في الفضاء السردي
أما فيما يتعلق بالمكان، فيمكن الحديث عن حالتين مكانيتين: حالة قارة أو ثابتة عندما تجتمع كل الشخصيات في المكان نفسه، كاجتماع الشخصيات كلها في فندق ما (فندق مادام فوكيه (Vauquer) في رواية الأب كوريو(Père Goriot) لبلزاك)، والحالة الحركية (Cinetique) عندما تبدل الشخصيات الأمكنة للتوصل إلى لقاءات ضرورية (الأمكنة في روايات وحكايات الأسفار (حكايات سندباد مثلا)).
التسميات
نماذج بنيوية