الوفيات والطبقات الاجتماعية:
تُظهر الدراسات بشكل قاطع وجود علاقة عكسية بين المكانة الاجتماعية والاقتصادية ومعدلات الوفيات. بمعنى آخر، فالأفراد الذين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأدنى هم أكثر عرضة للوفاة المبكرة مقارنة بأقرانهم من الطبقات الأعلى. هذه العلاقة المعقدة تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل المتداخلة، والتي سنتناولها بالتفصيل في هذا النص.
المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للطبقة الاجتماعية:
قبل الغوص في تفاصيل العلاقة بين الطبقة الاجتماعية والوفيات، من الضروري تحديد المؤشرات التي تستخدم لقياس المكانة الاجتماعية والاقتصادية. تشمل هذه المؤشرات:
- المهنة: تعتبر المهنة مؤشراً قوياً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، حيث ترتبط المهن ذات الدخل المرتفع والمكانة الاجتماعية العالية بمستويات أعلى من الصحة والعافية.
- الدخل: الدخل الفردي أو الدخل الأسري هو مؤشر مباشر للقدرة على الوصول إلى الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتغذية السليمة.
- التعليم: مستوى التعليم له تأثير كبير على الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة.
- السكن: نوع السكن وحالته يعكس مستوى المعيشة والتعرض لعوامل خطر صحية معينة.
- الثروة: تشمل الثروة الأصول المادية والمالية، وهي مؤشر قوي على الاستقرار المالي والقدرة على التعامل مع الصدمات الاقتصادية.
العلاقة بين الطبقة الاجتماعية والوفيات:
- الوصول إلى الرعاية الصحية: الأفراد من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة غالباً ما يواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، سواء بسبب التكاليف المرتفعة أو نقص التأمين الصحي أو قلة الوعي بأهمية الرعاية الصحية الوقائية.
- أسلوب الحياة: يرتبط الوضع الاجتماعي والاقتصادي بأسلوب الحياة الذي يتبعه الأفراد. فالأشخاص من الطبقات الدنيا يميلون إلى اتباع أنماط حياة أقل صحة، مثل التدخين والإفراط في تناول الكحول والنشاط البدني القليل، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
- البيئة: يعيش الأفراد من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة غالباً في بيئات أقل صحة، مثل المناطق الصناعية أو المناطق ذات التلوث العالي، مما يزيد من تعرضهم لعوامل خطر صحية.
- الضغط النفسي: يتعرض الأفراد من الطبقات الدنيا لمستويات أعلى من الضغط النفسي، بسبب عدم الاستقرار المالي والاجتماعي، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية والجسدية.
دراسات حول العلاقة بين الطبقة الاجتماعية والوفيات:
أشارت العديد من الدراسات إلى وجود علاقة عكسية قوية بين الطبقة الاجتماعية والوفيات. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت في مدينة هاجر تاون (Hagers town) أن الأشخاص الذين يعيشون في أحياء فقيرة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة المبكرة، حتى بعد التحكم في عوامل أخرى مثل العمر والجنس.
تحديات في دراسة هذه العلاقة:
- صعوبة قياس الطبقة الاجتماعية: قد يكون من الصعب تحديد الطبقة الاجتماعية بدقة، حيث تتعدد المؤشرات التي تستخدم لقياسها وقد تتغير هذه المؤشرات بمرور الوقت.
- تعدد العوامل المؤثرة: تؤثر العديد من العوامل الأخرى على الصحة والوفيات، مثل الجينات والعوامل البيئية، مما يجعل من الصعب عزل تأثير الطبقة الاجتماعية.
- اختلاف الإجراءات الإحصائية: تختلف الإجراءات الإحصائية المستخدمة في دراسة هذه العلاقة من دراسة إلى أخرى، مما قد يؤدي إلى نتائج متباينة.
الخلاصة:
تؤكد الأدلة العلمية على وجود علاقة وثيقة بين الطبقة الاجتماعية والاقتصادية والصحة والوفيات. إن الفوارق في الدخل والتعليم والوصول إلى الرعاية الصحية تؤدي إلى تفاوتات كبيرة في الصحة والعمر المتوقع بين مختلف شرائح المجتمع. لذا، فإن تحقيق المساواة في الصحة يتطلب معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية لهذه الفوارق.
التسميات
وفيات